شهدت جلسة الكنيست الإسرائيلي التي عقدت سرا بتاريخ الخميس الموافق 26 مايو 2011 تفجرت فضيحة تورط وزير الداخلية المصري الأسبق "حبيب إبرهيم العادلي وشخصية بارزة في الحزب الوطني المنحل لم يكشف عنها في عمليات تهريب عملاقة وممنهجة للبانجو المصري خلال الـ10 أعوام الأخيرة عبر الحدود المصرية الإسرائيلية ورقة مناقشة الموضوع التي حصلت "روز اليوسف" علي نسخة منها كشفت المستور في فضيحة تهريب البانجو المصري من سيناء التي حققت لإسرائيل نصف مليار دولار أمريكي أرباحا للسوق المحلية و3 مليارات دولار أمريكي مقابل التصدير في عبوات تجارية فاخرة خلال عام 2011 .
الفقرة 12 من قانون العقوبات الإسرائيلي الصادر عام 1973 تسمح بإمكانية بيع وتداول "نبات البانجو" بأشكاله في عبوات طبية تجارية للعامة والخاصة حيث تباع بشكل علني شرعي في الصيدليات أو من المستشفيات أو من المحلات التي تعمل في مجال تجارة الأعشاب الطبية وتأسيساً علي ذلك تعد "تل أبيب" من أكبر المدن في العالم المصنعة والمصدرة لنبات البانجو الطبي وهي صناعة تعتمد أساسا علي زراعة البانجو في سيناء بمصر وتهريبه عبر الحدود لتنتجه إسرائيل بشكل قانوني وتبيعه للعالم محققة أرباحاً سنوية شرعية مقدارها 3 مليارات دولار أمريكي طبقاً لميزانية 2011 الإسرائيلية.
في عهد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته حبيب إبراهيم العادلي وببساطة شديدة طبقا لما كشف بالكنيست الإسرائيلي بجلسة الخميس 26 مايو 2011 كانت سيناء بالنسبة لإسرائيل هي الفناء الخلفي لمزارع البانجو التي تخدم عجلة إنتاج عبوات البانجو الطبية الإسرائيلية التي حققت للميزانية الإسرائيلية مبلغاً سنوياً إضافياً يماثل حجم كل المساعدات العسكرية الأمريكية لتل أبيب سنويا مما يعني مضاعفة قدرة الإنفاق العسكري لإسرائيل من تجارة واحدة فقط غير مشروعة دوليا مصدرها مصر.
خلال الجلسة هاجم أعضاء الكنيست تصرفات الأجهزة الإسرائيلية التي تسمح بالتهريب وعارض الكثير نقد عمليات التهريب علي أساس أن البانجو المصري يعد أمناً قومياً لإسرائيل وخطاً أحمر يدخل في إطار الميزانية العسكرية التي يوجد خلاف أصلا علي زيادتها للعام 2012 من المستندات وتقرير الجلسة بين أيدينا يتضح أن عمليات التهريب كانت تتم عبر دروب الصحراء من أماكن كان يتفق عليها مع وزير الداخلية المصرية حبيب إبراهيم العادلي شخصيا وفي سرية شديدة حيث كانت لديه بصفة يومية معلومات تواجد قوات الأمن المصرية ومواعيد تبديل الحراسات ونقاط الضعف الأمنية علي الحدود ومن خلالها كما ذكر بالجلسة كان العادلي يرسم خطط العمليات علي الخريطة ويرسل بالإحداثيات أولا بأول للجانب الإسرائيلي لتتم عمليات تهريب آلاف الأطنان بمنتهي السهولة ودون تدخل من أحد.
الخطير أن الكنيست أشار إلي أن العادلي كانت لديه خرائط مزارع البانجو في سيناء والتي طبقا لمعلومات الكنيست كانت تزرع بتمويل إسرائيلي كامل من المصانع الإسرائيلية المصدرة للبانجو المصري الطبي وأن تلك العمليات ما زالت مستمرة حتي اليوم لكن مع سقوط ضحايا من الجانبين حيث يصر التجار المصريون الذين اعتادوا التهريب علي استخدام نفس الدروب حتي في عدم وجود حبيب العادلي بالوزارة المصرية وتصميم قوات الأمن المصرية عقب الثورة علي مكافحة التهريب بينما يسقط القتلي من الجانبين فتجار المخدرات يقتلون جنود القوات المصرية التي تتعثر فيهم أو تكشفهم.
للأمانة الصحفية التقرير لم يمس أي إنسان في أي مكتب شرطي تابع لوزارة الداخلية المصرية سواء في فترة العادلي أو حتي حاليا والسبب ببساطة أن العادلي كان يعمل منفردا دون أن يشرك في سره أي إنسان آخر مع أن التقرير به إشارات واضحة عن أن هناك شخصاً ربما يكون أكثر نفوذا من العادلي نفسه في الحزب الوطني التابع لنظام مبارك كان يعلم بالسر ويشارك في أرباحه وأكد طالب الصانع رئيس لجنة مكافحة المخدرات بالكنيست هذه المعلومة بالجلسة ورفض تسجيل اسم الشخصية الحزبية واكتفي بالإشارة إلي أن صاحبها كان نافذا في الحزب الوطني المصري المنحل.
التقرير الذي تمت مناقشته في 26 مايو 2011 علي جانب من السرية في إطار جلسة للجنة مكافحة المخدرات والسموم بالكنيست كشفت فيها أن هناك أعضاء وضباطاً كباراً بالجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية شاركوا العادلي ومن وراءه في جرائمه بعلم رئاسة الوزراء الإسرائيلية.
الغريب أن وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنواعها كشفت بالفعل بداية من الأحد 23 أكتوبر 2011 عن سقوط شبكة ضباط كبري بالجيش الإسرائيلي كانت بالفعل تقوم منذ أعوام طويلة بتهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود المصرية بمساعدة حبيب العادلي وأن الشبكة تم القبض عليها في 30 أغسطس سرا دون الإعلان عنها لحساسية موقف السلطات الإسرائيلية فيها خاصة أنه تم اعتقال لواء كبير بالجيش الإسرائيلي من داخل وزارة الدفاع الإسرائيلية نفسها وهي القضية التي لاتزال منظورة أمام القضاء بتل أبيب حتي كتابة تلك السطور.
من المحكمة الإسرائيلية كانت أسرار أخري بدأت تتسرب لتكشف لنا ولو حتي القليل من المعلومات المهمة فقد اعترف ضابط الشبكة الإسرائيلية أنهم عملوا طيلة الوقت بعلم معظم السلطات في إسرائيل وأن الشحنات كانت تدخل عبر الحدود علي مرأي ومسمع لواءات في وزارة الدفاع الإسرائيلية بل إن الضباط في اعترافاتهم يؤكدون أنهم الجيل الرابع في عملية التهريب وأنهم تسلموا التكليف بالعمليات من ضباط عملوا قبلهم وهكذا دواليك إلي أن ضبطتهم بالصدفة وحدة إسرائيلية خاصة لمكافحة الإرهاب ورفضت الانصياع للأوامر السرية بتسريح المقبوض عليهم ووصلت المعلومات لأجهزة الإعلام الإسرائيلية التي فضحت الموضوع وفجرت الحديث عنه فاضطر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك تسليم ضباطه حتي لا يطاح به بسبب القضية مع أنه لايزال في دائرة الاتهام.
في القضية الحالية مع أن شبكة الضباط الإسرائيلية في مجمل اعترافاتهم ذكروا أنهم كانوا يتعاملون فقط مع مهربين محليين من مصر وأدلوا بتفاصيلهم للسلطات وللمدعي العام الإسرائيلي لكن تقرير الكنيست يفسر الجزء الخفي فقد كان العادلي في مصر ومن معه يتعاملان بشكل مباشر مع قادة الضباط المقبوض عليهم وربما كان هذا سبب عدم معرفة أعضاء الشبكة العسكرية في إسرائيل أسماء الكبار في مصر.
في الواقع القضية جرت وراءها التفاصيل وتقرير الكنيست يكشف أن البانجو المصري يهرب عقب حصاده من المزارع السرية المنتشرة في أماكن وعرة لا يمكن الوصول إليها لصعوبة جغرافيا الأماكن التي تزرع فيها نباتات البانجو بسيناء في أجولة كبيرة تحمل علي قوافل جمال المهربين لعدم إمكانية الكشف عن تلك القوافل في ظلام الليل الدامس عبر دروب الصحراء الشاسعة مخترقة الحدود المصرية الإسرائيلية.
التقرير يكشف أيضا معلومات خطيرة من بين أهمها أن عمليات تهريب الأفارقة كان لها العديد من المزايا لمهربي السلاح والمخدرات عبر الحدود مع إسرائيل وهي مرتبطة إرتباطاً وثيقاً وأكيداً بل ومباشراً مع تهريب المخدرات والسلاح والجواسيس أيضا عبر الحدود إلي ومن إسرائيل.
الخطة تبدأ ببساطة تأسيسا علي مبدأ "الإلهاء" حيث يدفع المهربون الأصليون للمخدرات والسلاح وضباط المخابرات الإسرائيلية إذا كانت نفس الليلة هي ليلة التسليم أو مرور الجواسيس العائدين من عمليات خاصة في مصر بأعداد من الأفارقة راغبي التسلل للعمل واللجوء لإسرائيل لاختراق الحدود من نقطة بعيدة أو قريبة عن العملية الحقيقية للتهريب وعندما تكون القوات المصرية منشغلة في مطاردة الأفارقة تعبر شحنات التهريب أو الجواسيس في حرية وبدون مشاكل.
الأخطر في المعلومات التي كشفت بالكنيست أن السبب الرئيسي وراء تعدد عمليات تسلل الأفارقة لدرجة أنها بلغت في دفاتر أحوال الحدود المصرية في أيام كثيرة عشرات العمليات الفردية والجماعية يوميا كانت الحركة الحالية المستمرة لمرور الجواسيس ورجال المهام القذرة من وإلي مصر وبالقطع مرور شحنات وقوافل التهريب.
الأفارقة لا يقتلون الجنود المصريين فهم ومن معهم لا يحملون السلاح ولا يتعاملون بالرصاص من أول تحذير أما من قتل من الجنود المصريين ومنهم الجنديان اللذان سقطا مساء الأربعاء الموافق 23 نوفمبر 2011 طبقا لمعلومات تقرير الكنيست فهم بالتأكيد شبكات المخدرات والسلاح الأصلية للتهريب المنظم فهولاء طبقا لمعلومات القضية برمتها لا يتفاهمون إلا بلغة الرصاص.
في الحقيقة المهرب الصغير لا يعرف أبدا لحساب من هو يعمل فكل مهمته هي قيادة الجمال بالشحنة والسفر عبر الدروب السرية وتوصيل الشحنات للمصانع الإسرائيلية داخل إسرائيل، حتي مقابل الشحنات لا يحصل حامل الشحنة عليها في نفس الليلة حيث إن زعماء الشبكات الكبار لهم طريقتهم الخاصة في تحويل الأموال وتوزيع الأنصبة بعيدا عن كل العيون وأجهزة غسيل الأموال.
آلاف الأطنان سنويا من البانجو المصري تصل سرا إلي مخازن التجميع في عدة قري بدوية علي الجانب الإسرائيلي في داخل صحراء النقب وهناك كما كشفت جلسة الكنيست مصانع حديثة عالية القدرة مزودة بتقنية وخطوط إنتاج تجارية كاملة لكن هذه المرة لإنتاج عبوات فاخرة معدة أساسا للتصدير لدول العالم التي تسمح باستخدامات البانجو في المجالات الطبية والتي تعد حاليا إسرائيل من بين أكبر الدول عالميا في هذا المجال والعائد 3 مليارات دولار أمريكي سنويا.
الغريب أن تلك الصناعة المعترف بها قانونا في إسرائيل ولو أنها تحصل علي البانجو المصري في البداية عن طريق التهريب غير الشرعي والمحاطة عملياته بالسرية التامة إلا أنها عقب توريد المخدرات للمصانع في صحراء النقب تتحول بموجب قوة قانون المادة 12 من قانون العقوبات الإسرائيلي لعام 1973 إلي صناعة شرعية لا يمكن للشرطة الإسرائيلية حتي جهاز مكافحة تهريب المخدرات نفسه التدخل فيها فالمصانع تعمل ليل نهار ويوجد بها عمال وموظفون شرعيون والمنتجات عقب التصنيع لا تهرب و تستخدم في السر بل تورد للمستشفيات والعيادات والصيدليات العامة والخاصة في إسرائيل لكن الشرط الوحيد في البيع والشراء هنا طبقا للقانون وجود وصف طبيب للدواء "روشتة" وبالقطع لن يجد أطباء إسرائيل العيب في منح الروشتات العلاجية لطالبي البانجو القانوني.
التقرير هنا لم ينس الإشارة إلي أن أول الجهات التي تستفيد من البانجو المصري المصنع في صحراء النقب هي المراكز العربية التالية لعلاج الإدمان: أبو بسمة ــ حورا ــ كسفيا ــ لاقيا ــ عرعارة النقب ــ رهاط ــ سيجف شالوم ــ وتل شيفاع ثم ينتقل التقرير للجهات الإسرائيلية ولا ينسي التقرير أي مستشفي أو مركز طبي إسرائيلي كبير أو صغير إلا ويؤكد أن البانجو المصري المصنع يباع فيه علي تذكرة الطبيب.
في الواقع بحثنا عن قانونية وشرعية حركة المبيعات للبانجو المصري المصنع في إسرائيل فلم أجد سوي ذكر لعملية غلق صيدلية واحدة بتاريخ 15 ديسمبر 2010 في تل أبيب أما السبب فكان بيع عدة جرامات إضافية فوق الوصفة الطبية بما يخالف القانون والغريب أن الوصفة حتي لو بلغت نصف كيلو بانجو مصري مصنع فيمكن شراؤه واستعماله داخل إطار القانون لكن بروشتة الطبيب. الأغرب من كل هذا وجدت بتاريخ 25 فبراير عام 2010 خبرا شاذا عن انتشار ظاهرة هدايا عيد الميلاد من عبوات البانجو المصري الفاخر يمنحها الأصدقاء من عشاق البانجو بعضهم البعض خلال المناسبات الخاصة وأعياد الميلاد في إسرائيل.
حقيقة الأسوق الإسرائيلية تستهلك ربع إنتاج مصانع البانجو المصري الفاخر في إسرائيل والتي تقدر طاقتها الإنتاجية طبقا للتقارير بمائة ألف طن سنويا بينما تشحن باقي الكمية الباقية المعدة للتصدير الفاخر طبقا لمواصفات عبوات "إيزو" الدولية إلي ميناء حيفا الإسرائيلي ومنه لسائر دول العالم من بين تلك الدول التي تقنن بيع البانجو في شكل وصفات طبية لعلاج الحالات المستعصية من الأمراض المزمنة والسرطانية والنفسية والعصبية وحتي لعلاج مدمني المخدرات حول العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق