الأحد، ديسمبر 04، 2011

إبراهيم عيسى ..نعم لحكومة الإخوان… وفوراً


إبراهيم عيسى


من حق الإخوان المسلمين تشكيل حكومتهم فى يناير، ولا أظن أن هناك عاقلا واحدا أو مؤمنا بالديمقراطية فى هذا البلد يمكن أن يناقش هذا الحق أو يرفضه أو ينكره.

الإخوان هم حزب الأغلبية طبقا لنتائج المرحلة الأولى (وأحتفظ بحقى فى تأكيد أن هذه انتخابات يشوبها البطلان، وشهدت ملاهى إدارية وفوضى قانونية ومسخرة انتهاكات فاضحة وسط صمت وتواطؤ الجميع من أجل تمرير الانتخابات، رغم أن المرحلة الأولى تبشر بأن نتائجها لن تقوى بمخالفاتها على الصمود أسبوعا فى أى محكمة!)، وطبقا لما ستؤكده المرحلتان الثانية والثالثة من تفوق الإخوان أيضا فمن الطبيعى والبديهى أن يشكلوا هم الحكومة فى يناير المقبل، ودلنى بقى على بلد ديمقراطية فى العالم لا يشكل حكومتَها حزبُها الغالب فى الانتخابات.

ما يتقوَّل به البعض عن أن الإعلان الدستورى لم يلزم المجلس العسكرى بتعيين حكومة من حزب الأغلبية، أو أن نظام الحكم الرئاسى لا يشترط أن يلتزم الرئيس بتكليف الكتلة الفائزة فى الانتخابات بتشكيل الحكومة، هو محض فلسفة فارغة وثرثرة هشة، فالمؤكد أن أى رئيس يحترم نفسه لا يمكن أن يتحدى إرادة الشعب ويختار حكومة على غير ما أراد مواطنوه، فضلا عن أنه رئيس يحتفظ بكامل قواه العقلية بالضرورة حسب شروط تولى الرئاسة، ومن ثم فإنه يدرك أن البرلمان بحزبه الغالب يمكن أن يعطل إجراءات حكومته وقراراتها ويسحب ثقته منها!

إذن قبل أن تكون الديمقراطية فإن العقل والمنطق والسياسة والرشادة تلزم المجلس العسكرى أن يكلف الإخوان بتشكيل الحكومة فى نهاية يناير المقبل!

لكن السؤال: هل سيكلف المجلس العسكرى الإخوان بالحكومة فعلا؟

طبعا سمعتم عن تصريحات اللواء المصروف لنا لإنهاء أى أمل فى تحقيق الثورة أىَّ إنجاز السيد ممدوح شاهين، وهو مفيد شهاب المجلس العسكرى، مع الاعتراف المؤكد بأن شهاب أكثر علما وأغزر معرفة وأكثر أستاذية فى القانون وفى تفصيل القوانين من اللواء شاهين. التصريحات الشاهينية قالت إن الإعلان الدستورى لا يلزم المجلس بتعيين حكومة من حزب الأغلبية. عظيم جدا يا سيادة اللواء، عرفنا خلاص أنك حافظ الإعلان الدستورى، لكن ليه لأ؟

ما هدف المجلس العسكرى من الاحتفاظ بحق تشكيل الحكومة دون اختيارها بناء على نتيجة البرلمان؟ إن هذا التمسك يعكس:

أولا عنادا وتصلبا وعدم استجابة وتحايلا على الديمقراطية.

ثانيا رغبة فى السلطة ومزيد من السلطة وتشبثا بها على عكس النفى اليومى من اللواءات عن تمسكهم بالحكم ورغبتهم المزعومة فى العودة إلى الثكنات.

ثالثا وصاية على الشعب حين يرفض المجلس اختيار الحزب الذى وثق به المواطنون.

رابعا تصميما على الفوضى والارتجال والعشوائية بتعدد رؤوس الحكم من مجلس عسكرى لا يستمد شرعيته لا من الثورة ولا من الانتخابات، إلى برلمان يشرع دون دستور بل بإعلان دستورى، إلى حكومة لا علاقة لها بحزب الأغلبية، فكأننا أمام سعى للتنازع بين جميع الأطراف.

أما الزعم بأن «العسكرى» يصر على حقه فى تكليف أى حكومة للحفاظ على مدنية الدولة فهذا زعم باطل، فالمجلس العسكرى هو أول من نسف الدولة المدنية حين سمح بتشكيل أحزاب دينية، وهو كذلك من سلم الانتخابات لتلك الأحزاب تسليم مفتاح، ثم هو الذى رفض أن تبدأ مصر بصياغة دستورها قبل غلبة حزب دينى عليها، ثم هو أثبت عداءه الصريح لكل القوى المدنية والثورية واكتفى منها بالمنافقين، فكيف يكون إصراره على الجنزورى وأمثاله حفاظا على دولة مدنية؟ بل هو حفاظ على دولة «العسكرى» وسيادته!

عموما الإخوان سيشكلون حكومتهم فور الانتخابات لو أرادوا فعلا.

إزاى؟

أقول لك، لا نعرف مدى صدق عزيمة الإخوان فى تشكيل حكومة، فالتصريحات التى تصدر عن قياداتهم تتراوح بين طرح الفكرة كبالونة اختبار أو استعراض عضلات أو ضغط على «العسكرى»، وإعلان حقيقى عن هدفهم فى تشكيل الحكومة.

كل ما يصدر عنهم كما تعودنا من الإخوان يحتمل كل شىء، وهو ما يدل على أن الفكرة ما زالت فى طور التكون، وليس هناك أمر قاطع فى ذهن الجماعة حتى الآن، ربما تحسبا لردود الفعل، وقد يكون تعبيرا عن حوار داخلى فى الجماعة لم يُحسم بعد، بين من يرى أن الدور البرلمانى كرقيب ومشرع أكثر راحة وشعبية من الدور التنفيذى الذى سيجعل الإخوان مطالبين بمنجزات على الأرض لا يطيقونها فيستحسن أن يشيل آخرون الحمل والمسؤولية والنقد والهجوم، ويظل الإخوان على البر عوامين، وبين من يرى أن واجبهم هو تولى زمام الحكومة لتغيير الواقع طبقا لبرنامجهم ووعودهم وما ينتظره الناس منهم، لهذا وحتى ينهى الإخوان حوارهم الداخلى فإنه لو انتهى بهم الرأى إلى أن يشكلوا حكومتهم فسوف يشكلونها.

طيب ماذا لو ظل المجلس العسكرى على قراره بعدم تكليف حزب الأغلبية بالحكومة؟

الإجابة أنه لن يظل على قراره إذا أصرت الجماعة، فالمجلس يحسب حسابها ويخشاها ويرتدع من قدرتها على حشد الملايين من المتظاهرين ضده وهو أحرص ما يكون على رضا الإخوان واتقاء غضبهم، ولأنه يعرف أن الإخوان حصلوا على شرعية الانتخابات، وإذا كان الجنرالات يكرهون شرعية الثورة وعملوا على ضربها وتحطيمها وتفريغها من قوتها فإنهم لن يتمكنوا، فى وجود تنظيم هائل الإمكانيات كالإخوان، من الاستخفاف بشرعية الانتخابات التى أوصلتهم إلى الأغلبية، وسوف يستجيب المجلس ويقيل الجنزورى ويكلف حزب الحرية والعدالة بتشكيل الحكومة فى نهاية يناير لو طلب الإخوان، سواء عبر لقاءاتهم المشتركة أو فى مظاهرة مليونية يطالبون فيها بتسليم الحكومة، وسوف تسمع يومها اللواء ممدوح شاهين وهو يتحدث عن حكومة الإخوان بكل شاهينية!

وعلى المشير حسين طنطاوى أن يقبل بحقيقة أنه سيصبح وزير دفاع فى حكومة الإخوان.. ونحن نعرف أن الإخوان متمسكون به فى الوزارة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق