السبت، يوليو 09، 2011

ناجون من مذبحة حماة السورية تطاردهم الذكريات لكنهم يتعلقون بالأمل |s


عمان (رويترز) -
بعد ثلاثة عقود على سحق القوات السورية انتفاضة في حماة بوحشية ما زالت الذكريات المؤلمة تطارد أم ياسين التي قتل ابنها الشاب بالرصاص أمام باب منزلها.

وقالت أم ياسين "بدأت أصرخ ثم وخزني الضابط وقال لي أدخلي ربك ورب ابنك هو قتل نفسه. قلت له انتم قتلتم ابني.. هو صغير عمره ر15. 16 سنة."

 

وتتذكر المرأة البالغة من العمر 62 عاما بمرارة شهر فبراير شباط عندما أرسل الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد والد بشار قواته لسحق انتفاضة اسلامية في حماة.

وقالت نور الاصفر التي كان عمرها 32 عاما عندما وقعت المذبحة التي قتل فيها زهاء 30 ألف شخص "عرفت انهم قتلوا ابني عندما سمعت الاعيرة النارية."

وتحولت اجزاء كثيرة من المدينة القديمة الى ركام بما فيها حي جزدان الذي تعيش فيه أم ياسين.

وقالت "لا يوجد انتقام في الاسلام ولكنني اتمنى باذن الله ان يرى ابناءة يقتلون أمامه."

ولا تزال أصداء ذكريات الماضي تدوي بقوة بين المتظاهرين في حماة الذين يطالبون بالاطاحة ببشار كما انهم ما زالوا يصبون اللعنات على والده الذي توفي عام 2000 بعد أن حكم سوريا ثلاثة عقود.

وقتل أكثر من 60 شخصا خلال مظاهرة في حماة في الثالث من يونيو حزيران. وفي الايام القليلة الماضية حاصر بشار الاسد المدينة التي يقطنها نحو 700 ألف شخص بالدبابات وهناك مخاوف من تعرضها لهجوم عسكري آخر.

ويقول الناجون من مذبحة حماة الذين يعيشون حاليا في الاردن ودول الخليج انهم لا يستطيعون نسيان مشاهد الدماء التي أريقت في الشوارع ولا الجثث الملقاة في الطرقات ولا فرق القتل التي كانت تجوب أنحاء المدينة وتداهم المنازل وتغتصب النساء وتسوق الرجال والشبان الى الاعدام قبل نحو 30 عاما.

وقالت أم ياسين "أكثر شيء عالق بذهني هو عندما قتلوا 24 رجلا أمام بيتي. هذا المنظر لا يمكن أن يختفي من مخيلتي. من بينهم طفل عمره تسع سنوات وطفل عمره 12 سنة. قتلوهم وخلال خمس دقائق كانوا أزالو الجثث ولم يبق سوى الأحذية وأغطية الرأس حيث كان فصل الشتاء."

وقالت امرأة اخرى تدعى أم عمر (53 عاما) وهي تبكي "كانت الارض عبارة عن بركة من الدماء. خرجت النساء وصرخت احداهن (هذا زوجي) وصاحت الاخرى (هذا ابني)."

وتذكر عبد الرحمن الاصفر من حي بارودي في حماة كيف ان جيرانه حاولوا ارضاع صغير لما يصل الى تسعة ايام بعد وفاة والدته حيث لم يكن من المتاح الحصول على طعام.

وكانت المخابرات السورية تراقب نجل أم ياسين (16 عاما) للاشتباه في صلته بالاخوان المسلمين.

وقالت الام الارملة "أبلغ شخص المخابرات بانه متدين...لكنه كان مجرد صبي. ما الذي كان من الممكن ان يفعله شخص في عمره.." واجبرت أم ياسين على الفرار في ابريل نيسان 1982 مع ابنائها السبعة واستخدمت نفس الطريق الذي سلكه الاف السوريين الشهر الماضي للفرار من الحملة العسكرية التي يقوم بها بشار الاسد.

وقالت أم ياسين ان المخابرات كانت تغوي الرجال بالخروج من منازلهم باستخدام الخبز. وتوجهت شاحنات تابعة للجيش محملة بالجثث الى مقابر جماعية قرب مقبرتي السريحين وسهل الغاب على الاطراف الغربية للمدينة.

وقال سليمان جمال الذي كان يقطن في حي الزنبقي وكان عمره (21 عاما) "حماة كانت مدينة محافظة واتسم اهلها بالعناد وتحدوا الاذعان لكن العلويين أعطوا بقية البلاد درسا (بما فعلوه) بحماة. كانت جريمة ان تكون من سكان حماة."

ويقول الناجون من مذبحة حماة في الثمانينات انهم يرون أن قوات الامن التابعة لبشار تطبق نفس الاساليب ولكن على نطاق أضيق. وقطعت الحكومة امدادات الماء والكهرباء واجبرت عشرات الشبان على الهتاف بحياة بشار وهم مقيدون الى الارض.

وامتزجت مشاعر الفخر بعدم التصديق بين الجيل الاكبر سنا الذي يعيش في الخارج أمام مشاهد المحتجين السوريين الذين خرجوا الى الشوارع في تحد للمطالبة بالحرية في خضم انتفاضة شعبية واسعة النطاق لم يسبق لها مثيل في سوريا التي تحكمها أجهزة الامن بقبضة حديدية منذ عقود.

وقالت عائشة الجمال التي شهدت مذبحة 1982 وتعيش الان في عمان "ظللت أبكي لعدة ايام...اتمنى لو كنت معهم للاحتجاج والتنفيس عن الاحباط الجاثم على قلبي."

وأدى الهجوم الى محو جزء من الحي القديم بحماة ولكن جرى تجديد الكثير من احياء المدينة. ولم تلحق بالمتنزهات اية اضرار ويجلس السكان في المطاعم والمقاهي الواقعة على نهر العاصي.

وتشتهر حماة بأن بها 17 ساقية تعود الى العصر البيزنطي وكانت الحكومة تروج لها على انها مقصد سياحي وكانت تتوقف بها حافلات السياحة وهي في طريقها بين مدينة حلب الشمالية والعاصمة دمشق.

وقبل الاحتجاجات الاخيرة التي اجتاحت البلاد كان الحديث عن مذبحة 1982 محظورا في المدينة وكانت السلطات المحلية تعتبره تحريضا.

ويقول السوريون ان التأييد للحكومة لا يزال محدودا في حماة.

لكن التحدي الذي يواصله عشرات الالاف من الشبان السوريين بعد الاحتجاجات الاسبوعية تحول الى تجمعات ضخمة احيت الامال في نفوس المنفيين من حماة في ميلاد جيل كسر حاجز الخوف الذي خلفته مذبحة 1982.

وقالت أم أنس وهي ناجية من المذبحة هربت في سن التاسعة عشرة مع عائلتها الى العراق "المذابح التي شهدناها لن تتكرر...لاننا كنا بمفردنا في حماة وفررنا من حماة دون ان يعرف أحد بما حدث."

وقالت احدى قريباتها "عندما اسمع كيف يهتفون وجرأتهم يعطونا الامل ويمنحونا الشجاعة."

وأضافت "هذا الجيل مختلف . (سكان حماة) كسروا حاجز الخوف الذي زرعه النظام. لقد احيا الامل في تحقيق الانتصار على ايدي هذا الجيل الجديد."

من سليمان الخالدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق