الخميس، أبريل 14، 2011

عبدالحليم قنديل يكتب: الشعـب يريـد إعـدام مبـارك



· < مسئول عن قتل ألف شهيد في حوادث ثورة يناير وعن إثارة الفزع الأمني وجرائم البلطجة

· < اعتقل مائة الف وعذب الآلاف وأعدم المئات وجعل مصر رقم واحد في الأمراض القاتلة

· < سمح بعبور 36 الف طلعة جوية أمريكية و861 بارجة ذاهبة بالدمار إلي العراق وأفغانستان

تصوير: محمد أسد

في خطابه العاطفي الشهير المبتذل، وقبل خلعه من كرسي الرئاسة بأيام، قال حسني مبارك: إنه يريد أن يدفن في مصر، ونحن نريد أن نحقق له الأمنية، لا نريده أن يموت كالبعير في سريره، بل أن يجري إعدامه شنقا، وفي مصر التي أهانها وأذل أهلها ، وفي ميدان التحريربالذات.

ليس هذا قولنا الشخصي، بل رأي ملايين المصريين الذين احتشدوا في ميدان التحرير، وفي عواصم المحافظات الكبري، وفاضت حناجرهم وصدورهم بالغضب في جمعة المحاكمة والتطهير والحسم، وأثبتوا أن الثورة المصرية حية وقادرة ومتجددة، مصممة علي بلوغ أهدافها كاملة، وكنس أي عوائق في طريقها، ومحاكمة مبارك وإعدامه بتهمة الخيانة العظمي، والاستعداد للذهاب في حشود بالملايين إلي شرم الشيخ، وحيث يختبيء مبارك وعائلته يهربون من عقاب الشعب والتاريخ، ويحتمون برعاتهم الاسرائيليين عند الحدود القريبة.

يبدو أن المجلس العسكري له رأي آخر، فهو يقدم رجلا ويؤخر عشرا ويتحرك ببطء مهلك، ويبث في نفوس الناس قلقا متزايدا، ويضعف الثقة العامة فيما يجري كله، ولا يريد أن يصارح الناس بحقائق اللحظة الملتبسة، فيما يأوي المشير طنطاوي إلي كهف الصمت ويترك لرجال مجلسه العسكري منصات الكلام، وهؤلاء - تبدورهم- يعاملون الشعب المصري معاملة الأطفال، يربتون علي أكتافهم، ويعدونهم بالفسح والرحلات، وبالمحاكمات التي لابد لها أن تجيء ، وفي الوقت المناسب الذي لا يناسب أحدا، ويشكلون وفودا ولجانا قضائية متكررة الأسماء لكسب الوقت، تذهب وتجيء، ودون أن يعرف أحد متي يأتي الموعد بالضبط، وأي محكمة سوف تنظر في أمر المخلوع، وأي حكم ينتظره، وهل يضمن أحد عدم هروبه قبل إحالته للمحاكمة، أم أن جنرالات المجلس العسكري ينتظرون التساهيل، ويأملون الفرج علي يد عزرائيل، وحتي يخلصهم من ورطة ومأزق محاكمة مبارك.

وربما لا يصح لأحد، لا من جنرالات المجلس العسكري، ولا من غيره، أن يجلس في انتظار عزرائيل، فهذه أقدار الله التي لا نعلمها، ولله وحده حق الحساب في الآخرة، بينما الشعوب لها حق القصاص في الدنيا، وقد أثبت الشعب المصري مقدرته الأسطورية علي التحكم في مصائرة، وخلع الديكتاتور دون انتظار لعزرائيل، وهو يريد الآن إكمال الشوط، وخلع الديكتاتور من الدنيا كلها، وليس من كرسي الرئاسة المتروك للمجلس العسكري.

ولا يصح لأحد أيضا، لا من جنرالات المجلس العسكري، ولا من غيره، أن يراهن علي فوات الوقت، وتثبيط الهمم، وصرف النظر، أو علي وهن قد يدب في حركة الشعب المصري، فالمصريون شعب في غاية الذكاء، يعرفون طبيعة ثورتهم، ومصممون علي حراستها، والوفاء لدم شهدائها، ويدركون أن دم شهيد واحد بألف رأس مما يعدون، وأن القصاص العادل هو شرع الله وإرادة الناس، وأن مبارك يستحق الإعدام ألف مرة، فهو المسئول المباشر عن دم ألف شهيد في حواث ثورة 25يناير، وهو الذي أصدر الأوامر بإطلاق الرصاص الحي ودهس المتظاهرين، وهذه وحدها جريمة خيانة عظمي كاملة الأوصاف، فما بالك بآلاف الخيانات العظمي التي ارتكبها في ثلاثين سنة حكم بالغصب، فلم تكن له شرعية في أي وقت، وحكم البلد بعصا الاحتلال، واعتقل ما يزيد علي مئة ألف مصري، وعذب وأعدم الآلاف، وانتهي بالمئات إلي غياهب الاختفاء القسري، وشفط- مع عائلته ومماليكه - البلاد بأجيالها كلها ، بخصخصة المصانع والمنشآت العامة وبتخصيص أراضي الدولة، وتوزيعها قطعا وقصورا علي المحاسيب، وترك للمصريين عذابا وفقرا وقهرا وبطالة وعنوسة وأمراضا، ونهشت وقتلت الملايين، وجعل مصر رقم واحد في التهاب الكبد الوبائي، ورقم واحد في الفشل الكلوي، ورقم واحد في السرطانات المميتة ورقم واحد في حوادث الموت علي الأسفلت وحجز لنفسه ولعائلته ومماليكه - أحط مكان في التاريخ المصري بإطلاق عصوره، فلم تنهب مصر كما نهبت في أيامه، ولم تهن كما هانت معه، وهو الذي خدم الأمريكيين كعميل مجاني، وأفسح لهم أراضينا وأجواءنا ومياهنا بتسهيلات العبور ونقاط الارتكاز العسكري، وسمح - حسب بيانات مكتب المحاسبة الامريكي - عبور 36ألفا و550طلعة جوية أمريكية مقاتلة ذاهبة بالدمار إلي أفغانستان والعراق، وسمح بعبور 861 بارجة حربية ونووية أمريكية عبر قناة السويس وفي فترة أربع سنوات فقط بين عامي 2001،2005، بينما ظل طول الوقت بدفع الحساب للأمريكيين، ومقابل تأشيرات الإقامة في قصر الحكم، ونهب ثروة الأمة لشخصه وعائلته، ووضع خزانة الدولة في محفظة نقوده، وكان يخدم الإسرائيليين لكسب رضا الباب العالي في واشنطن، كان يدفع جزية الغاز والبترول لإسرائيل، وفاق كل العملاء والخونة الذين صادفهم التاريخ المصري والعربي، وإلي حد أن وصفه الجنرال بنيامين بن أليعازر بأنه - أي مبارك الخائن - أعظم كنز استراتيجي لإسرائيل«!»

كل واحدة من جرائم مبارك توجب إعدامه فورا، والتواطؤ علي حمايته جريمة تضاف إلي السجل الجنائي، ولا نريد للمجلس العسكري أن يتحمل وزر هذه الجريمة، وبأي تعلة أو عذر، أو بأي دعوي تكذب علي الناس، أو تحايل لامتصاص الغضب، فلا تكفي إحالة زكريا عزمي وصفوت الشريف وفتحي سرور وإبراهيم سليمان للتحقيق فالمحاكمة، ولايكفي بدء التحقيق مع جمال مبارك وأحمد نظيف، فكل هؤلاء - مع غيرهم - صنائع وخدم لمبارك، ارتكبوا الجرائم باسمه، وسرقوا ونهبوا وزوروا بالاتفاق معه، وساموا الناس سوء العذاب دفاعا عن كرسيه، وقد زال الكرسي، وآن لصاحبه أن يسقط، وأن ينتهي غموض إقامته في شرم الشيخ، وأن نفك ألغاز الحماية الضمنية من الأمريكيين وخادمهم السعودي، وأن يعلن المشير محمد حسين طنطاوي قولا واحدا في القصة كلها، فلن يقبل الناس بأقل من محاكمة فورية للطاغوت، ولن يقبل الناس بأقل من إعدامه في ميدان عام، فإعدام مبارك هو إعدام للنظام، إعدام مبارك هو الذي يجلب الأمن لمصر، ويقضي علي البلطجة المدبرة، والتي يديرها زبانيته علي أمل رجوعه، من موقعة الجمل إلي موقعة الجلابية في استاد القاهرة، ومن خطف البنات إلي سرقة البيوت، وإعدام مبارك هوالذي يقضي علي حزبه الإجرامي، ويعيد ممتلكاته ومقراته المسروقة للدولة وللشعب، وإعدام مبارك هو الذي ينهي استمرار بقاء فضيحة المجالس المحلية المزورة، وهي القاعدة الأوسع لعصابة المخلوع، وإعدام مبارك هو الذي يسمح بإجراء محاكمات علنية لضباط أمن الدولة، وإعدام مبارك هو الذي يكنس قاذوراته المتركمة في قوائم المحافظين ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات، وإعدام مبارك هو الذي يهزم الإسرائيليين ويكشف شبكات جواسيسهم في مصر، وبإعدام مبارك يقطع الرأس الفاسد، فيتهاوي الجسد النتن، وتذهب العروش والكروش إلي مزابل التاريخ.

وأرجو أن يأخذ المجلس العسكري المسألة بجد، فالقصة لم تعد تحتمل المزيد من التلاعب، وقد ارتضي المصريون دورا بعينه للمجلس العسكري، ورغم أي ملاحظات في محلها علي شخوص بعينها، ارتضي المصريون دور «الوكيل» للمجلس العسكري، الوكيل المفوض من الأصيل الذي هو الشعب المصري وحده، كلف الشعب جيشه العظيم بالمهمة، وكلف المجلس العسكري بدور سياسي حاكم، ومما تصح فيه وعليه كل صور المراجعة والنقد والتصحيح والنقض، فقد أحس الناس بتباطؤ المجلس العسكري في أداء مهام الوكيل المؤتمن، وهم يتخوفون الآن من التباطؤ الموحي بالتواطؤ، وكاد رصيد الثقة يتبدد ، وهو ما قد ينذر بخطر لا نريده، لا في الجيش، ولا في علاقته مع الشعب، فنحن الأحرص علي سلامة الجيش وتماسكه الداخلي وانضباطه الصارم، ولا نريد لعبا بالنار، لا بانقلابات العسكر، ولا بغيرها، لا نريد طريق الندامة، ونؤثر طريق السلامة، والمطلوب ! إنهاء التباطؤ فورا، وتنفيذ أوامر الثورة الشعبية بملايينها الغاضبة في ميادين التحرير، ورأس الأمر فيها هو محاكمة مبارك الآن وفورا، وتمهيدا لإعدامه المستحق، وهذه ليست مهمة النائب العام، فالرجل بلا حول ولا طول، وعينه مبارك المطلوب محاكمته الآن، ويحتاج النائب العام إلي نائب عام يحقق معه، نعم هذه ليست مهمة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، ولا هي مهمة المستشار عاصم الجوهري مدير إدارة الكسب غير المشروع، ولا هي مهمة المستشار عبد العزيز الجندي وزير العدل الجديد، والذي قال إنه تلقي تقريرا طبيا يفيد عجز مبارك عن الحركة، وأنهم سيرسلون لجنة تحقيق لسؤاله في قصره بشرم الشيخ، وهذا الكلام لا يليق، هذا كلام دون المقام، وأقرب للتزوير في أوراق رسمية، ومع كامل الاحترام الشخصي للجندي والجوهري ومحمود، فهم جميعا لا يسألون عما يفعلون في هذه القضية بالذات، فهم في مكانة المأمور أو عبد المأمور ، هم رجال بلا قرار في قضية مبارك بالذات، والقرار للمجلس العسكري ولرئيسه المشير طنطاوي، وهو قرار ليس فيه اختيار، ولا فسحة وقت أخذوا منها ما يكفي ويزيد، فقد حانت ساعة الصفر، ولم يبق سوي أخذ قرار تراخت مواعيده ، فافعلوها الآن من فضلكم ياجنرالات، وقبل أن يفوت الآوان، ويسحب الشعب المصري تفويضه، وتتبدد الثقة بكاملها، وينتهي الرهان إلي الخسران.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق