الأربعاء، أبريل 20، 2011

حسام الدين مصطفي يكشف : السعودية تدفع 2 مليار دولار في الانتخابات للسيطرة علي رئيس مصر المقبل




· الصفعة التي تلقتها العائلة المالكة بمحاكمة مبارك وعائلته جعلتهم عاجزين عن التفكير لدرجة أن يعرضوا قدوم الملك شخصيا لحكومة الثورة

· المناضل السعودي ناصر السعيد طالب بإصلاحات دستورية منذ ثلاثين عاما ولكن هذا كان يهدد حكم آل سعود فألقوه من الطائرة حيا

· يتصورون إمكانية تحويل مصر إلي لبنان جديدة من خلال السيطرة بالأموال علي العملية الانتخابية حسب تسريبات من المخابرات الأمريكية

· كثيرون لايعرفون ناصر السعيد مع أنه أول معارض في تاريخ الدولة السعودية وربما يكون أشرس معارض لها حيث يعتبر ناصر السعيد أول معارض لنظام الحكم في السعودية منذ نشأتها عام 1932 وبقيت كتاباته علي مدار السنوات دستورا يجب تدريسه في المدارس والجامعات السعودية لتعليم الشرفاء في هذه الأرض الطيبة التي تحكمها هذه العائلة معني المعارضة البناءة الحقة

اندهش كثير من المصريين عندما سقط نظام مبارك في 18 يوما فقط ، أدركوا أنهم كانوا يتعاملون منذ البداية مع نظام هش ، أو دولة رخوة وهو المصطلح الذي استخدمه الدكتور جلال أمين في وصف هذا النظام ، أو خيال المآتة علي حد تعبير الكثير من المصريين الذين علقوا بأننا زرعنا خيال مآتة ولكننا مع الوقت ، ومع الظل الساقط علي الأرض من ضوء الشمس أصبحنا نخافه لدرجة العبادة وربما كان هذا أيضا هو السبب في تخوف العائلة المالكة السعودية من انتقال عدوي الثورة إلي أراضيها هناك ، نفس الصورة تتكرر ، ونفس النظام الهش يحاول تثبيت قواعده في الأرض ، حتي لاتقتلعه رياح الغضب ، فرائحة الفساد هناك كما كانت هنا في مصر تزكم الأنوف ، ولكن الفساد في مصر كان أشد ضراوة لأنه ارتبط بالفقر ، مع الاحتفاظ بالمفارقة في الحالتين وهي أن السعودية تعتبر الدولة صاحبة أكبر احتياطي نفط في العالم ومع هذا فإن نسبة الفقر بها تقترب من 17% .

وعندما هددت السعودية بقيادة ائتلاف عربي ضد مصر لمنع محاكمة آل مبارك ، ملوحة بقدرتها علي منع الاستثمارات الخليجية من العمل بمصر ، وبقدرتها علي ترحيل العمالة المصرية العاملة هناك ، تصورت العائلة المالكة السعودية ان بيدها أوراق ضغط يمكن أن تدير بها اللعبة لصالحها ، ولكن الصفعة القوية التي تلقتها السعودية بالبدء في التحقيق مع الرئيس المصري المخلوع وعائلته ، والقرار بحبسه ونجليه 15 يوما علي ذمة التحقيقات ، في سابقة هي الأولي من نوعها في تاريخ العرب ، أعجزتهم عن التفكير في طبيعة العلاقة التي ستنشأ في المستقبل القريب بين الحكام السعوديين والرئيس القادم في مصر ، بعد أن قدمت السعودية خطوة سيئة في البداية بالتدخل لمنع محاكمة مبارك ، الأمر الذي دفع سفير المملكة في مصر أحمد قطان للتصرف بدبلوماسية مع الموقف والحديث مع المجلس العسكري عن زيارة مرتقبة للملك السعودي إلي الأراضي المصرية ، الأمر الذي يثير عاصفة من التساؤلات حول الأجندة التي سيحضر بها الملك .

ولكن لماذا يخاف الحكام السعوديون من الرئيس القادم في مصر والمنتخب بشكل ديمقراطي كامل ؟ سؤال طرحته الأحداث ، خاصة مع تسريبات للمخابرات الامريكية، تتضمن مقترحا بقيام السعودية بدعم مرشح ما في مصر - لم تحدد اسما معينا - خلال انتخابات الرئاسة المقبلة بمبلغ ملياري دولار حتي يفوز بالمقعد الأكبر في القاهرة ، وهو الاسلوب الذي سبق واتبعته في لبنان بتقديم دعم غير مسبوق لحركة الرابع عشر من آذار ، حتي يفوز الراحل رفيق الحريري برئاسة مجلس الوزراء اللبناني ، وهو الدعم الذي لايزال مستمرا للحركة حتي الآن ، وبهذا الدعم تتدخل السعودية في الحركة السياسية اللبنانية ، بل وتحركها بالشكل الذي تريد أيضا ، فهل تتصور الإدارة في الرياض أن مصر يمكن أن تكون لبنان جديدة ؟ .

الواقع الذي يؤكده التاريخ أن الحكام السعوديين لايزالون يخافون من صورة جمال عبدالناصر ، يخافون الكاريزما الناصرية التي أذاقت إدارة الملك فيصل المرارة خلال حرب اليمن ، ولهذا يخافون تكرار الصورة ، يخشون أن يصبح عمرو موسي أو البرادعي أو البسطويسي أو حمدين صباحي أو أي مرشح محتمل آخر صورة أخري من جمال عبدالناصر ، ولهذا يسعون لاختراق العملية الانتخابية قبل بدايتها .

والمعروف أيضا أن السعودية تتداخل في التركيبة الاجتماعية المصرية بشكل كبير من خلال أنصار لها ، فهي تسيطر بالكامل علي الجماعة السلفية في مصر، لدرجة أن العديد من القيادات السلفية يرتبطون بعلاقات مالية مع أقرانهم في الرياض ، ولكن المشكلة أن السلفيين في مصر ليسوا أصحاب تأثير قوي علي الشارع ، ولهذا فهم يمتلكون أيضا علاقات متميزة مع قيادات جماعة الإخوان للمسلمين الأمر الذي يجعل الجماعة وسيلة مؤثرة وحاسمة في أي انتخابات قادمة ، خاصة أنها أعلنت أنها لن تقدم مرشحا لانتخابات الرئاسة القادمة.

والغريب في الموضوع هو التصريح الذي أطلقه القطب الإخواني والنائب السابق صبحي صالح ، والذي أكد فيه أن الجماعة ستدعم الدكتور محمد البرادعي في حملته الرئاسية ولكن دون أن يقدم أسبابا ، وهو التصريح الذي يعد مبكرا للغاية للإعلان عن التحالفات الرئاسية ، ويطرح التساؤل المخيف ، هل يكون البرادعي هو المرشح المدعوم سعوديا ، من خلال جماعات منسوبة للتيار الإسلامي؟ أم أن هناك تحركا آخر ستكشف عنه الأيام المقبلة للدعم السعودي لمرشح آخر لم تفصح عنه الأحداث بعد؟.

قد يكون الهدف السعودي من هذا التحرك هو الشوشرة علي أحد المرشحين ، أو حتي الشوشرة علي العملية الانتخابية بالكامل ، حتي يفقد الناس الثقة في نزاهتها من الأساس ، وهو أسلوب إسرائيلي قديم انتهجته كثيرا في العمليات الانتخابية التي كانت تجري في الأراضي المحتلة ، ونقلته عنها الكثير من الأنظمة الاستبدادية في المنطقة ، وربما يكون نابعا من الأصول اليهودية للعائلة الحاكمة السعودية وهو ماتؤكده كتابات المناضل السعودي الراحل ناصر السعيد .

كثيرون لايعرفون ناصر السعيد مع أنه أول معارض في تاريخ الدولة السعودية وربما يكون أشرس معارض لها، حيث يعتبر ناصر السعيد أول معارض لنظام الحكم في السعودية منذ نشأتها عام 1932، وبقيت كتاباته علي مدار السنوات دستورا يجب تدريسه في المدارس والجامعات السعودية لتعليم الشرفاء في هذه الأرض الطيبة التي تحكمها هذه العائلة معني المعارضة البناءة الحقة ، ولد ناصر السعيد في مدينة حائل شمال وسط الجزيرة العربية عام 1923 (أي بعد سقوط حائل بيد عبد العزيز آل ساعد بعام واحد).

انتقل إلي الظهران عام 1947 للعمل في استخراج النفط وتكريره مع شركة ارامكو وعاش مع بقيه العمال السعوديين ظروفاً معيشية صعبة فقاد مع زملائه هناك سلسلة من الاضرابات للمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية والسكنية ورضخت الشركة لمطالبهم، وفي عام 1953 قاد ناصر انتفاضة العمال للمطالبة بدعم فلسطين وتم اعتقاله وارسل إلي سجن العبيد في الإحساء وافرج عنه لاحقاً، وبعد وفاة الملك عبد العزيز اقيم حفل استقبال للمك الجديد (سعود) في مدينة حائل القي فيه ناصر السعيد خطاباً طالب فيه بإعلان دستور للبلاد وبإصلاح وتنظيم الموارد المالية للدولة وحماية الحقوق السياسية وحقوق حرية التعبير للمواطنين وفي عام 1956 غادر من حائل إلي مصر بعدما وصلته معلومة عن صدور أمر بالقبض عليه وإعدامه.

اشرف ناصر السعيد علي برامج إذاعية معارضة للحكم السعودي في إذاعة صوت العرب في مصر ثم انتقل إلي اليمن الجنوبي عام 1963 وانشأ مكتبا للمعارضة هناك، وانتقل بعدها إلي دمشق ثم إلي بيروت التي اختطف فيها في 17 ديسمبر 1979 لصالح دولة آل سعود. وقصة اختفائه أيضا كانت مؤامرة حيث اختطف في يوم 17 ديسمبر عام 1979 في بيروت علي يدي جماعة ابو الزعيم بطلب من علي الشاعر سفير السعودية في لبنان انذاك - وكوفيء الشاعر لاحقا بمنصب وزير الإعلام - ووفقا لما تذكره المعارضة السعودية فان ناصر السعيد نقل الي الرياض وقام الملك فهد شخصيا - وكان وقتها مديرا لجهاز المخابرات السعودي - بتعذيبه ثم رماه من طائرة هليوكبتر وهو حي ، وعثر علي جثته ممزقة من جراء السقوط في صحراء الربع الخالي ، وهي أكبر منطقة صحراوية بالسعودية .

المطالب التي ناضل ومات من أجلها ناصر السعيد لم تكن مطالب فئوية كما يمكن أن يتبادر إلي الذهن بعد الحديث عن أن بداية ثورته كانت إبان عمله في شركة أرامكو السعودية ، ولكنها كانت لإقامة دولة تقوم علي العدالة والحرية، كان ناصر رحمه الله يطالب بإقامة مجلس شعبي (برلمان)حر ينتخب الشعب اعضاءه ،ويقوم بتمثيل أبناء الشعب كافة، ويضع مجلس الشعب بعد انتخابه دستورا مستمدا من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة وروح العدل التي دعا إليها الرسل ،ويكون الدستور عصريا يتضمن حقوق الشعب ويحدد مهام السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويقوم مجلس الشعب أيضا بالنظر في قوانين تجارة الرقيق التي لا توجد (وقتها) الا في المملكة ، وتؤكد علي حرية الصحافة وحرية العقيدة وحرية المبدأ والتعبير والاجتماع ،وقوانين تفرض التعليم الإجباري علي كل ذكر وانثي ،وتفرض التجنيد الإجباري ،واصدار قوانين تمنع التعذيب في السجون ،وتمنع إسقاط الجنسية ،وقوانين تمنع اخذ الزكاة من الفقراء البدو والفلاحين ،وقوانين لإصلاح حال العمال باقامة انتخابات عمال لاتحاد عمال نزيه يدافع عن حقوق العمال ويمثلهم امام الحكومة ،ويقيم لهم نقابات ،ويكون هذا القانون بديلا عن القانون الجائر الذي تستخدمه ارامكو ضد العمال، واصدار قانون اخر بإنشاء محاكم عمالية تتولي قضايا العمال ،ويراعي قانون العمال مساواة العمال السعوديين في الحكومة بغيرهم من العمال الأمريكيين والاجانب، وقوانين تمنع تسريح العمال وتدفع اجورهم أثناء الاجازات، وقوانين اخري لإصلاح حال الفلاحين بإنشاء الإصلاح الزراعي، وقوانين بتخفيض الرسوم الجمركية وللإصلاح الاقتصادي ،وكما يقوم البرلمان بسن قوانين لمواجهة نفوذ ارامكو والنفوذ الأمريكي مثل الغاء الاتفاقية الخاصة بالقاعدة الأمريكية في الظهران ،وتعديل اتفاقية البترول مع ارامكو والغاء المرسوم الملكي رقم 2639 الصادر في عام 1357 هـ والذي يطلق يد ارامكو في العسف بالعمال ،والزام ارامكو بدفع تعويضات للعمال والضحايا.

ويواكب هذا الإصلاح التشريعي إصلاح اقتصادي وعمالي وتعميري..إذ يطالب بشق وتعبيد الطرق في البلاد وتسهيل المواصلات ،وبناء مدن عمالية صحية ،وإنشاء صناعة خفيفة وثقيلة ترتبط بالبحث عن معادن ،ويعمل فيها البدو الذين يمثلون 60 % من السكان، ويلتفت للفلاحين والزراعة، فينادي برفع مستوي الفلاحين وحماية إنتاجهم واراضيهم من سيطرة المرابين، وإنشاء بنوك زراعية لاقراضهم وتوجيههم واستيراد الالات والخبرة الزراعية لهم، والعمل علي تحضير البوادي والقري، واستصلاح اراضي البدو وتسليمها للفلاحين. ويركز اهتمامه علي إصلاح حال العمال، فيطالب باعادة العمال المسرحين، ورفع الغلاء عن العمال، وهذا الإصلاح المادي في الصناعة والزراعة والبنية الأساسية استهدف غرضا اسمي كان يظهر بين سطور ناصر السعيد ،هو التنمية البشرية، أو رقي المواطن السعودي، ويبدو هذا من حرصه علي تعليم المرأة ووجوب التجنيد وتحضير البدو والقري، أي تحويل البوادي والقري الي مجتمعات حضارية متعلمة، والحاق البدو والفلاحين بالمزارع والمصانع والجيش، يقول مثلا عن التعليم (اصدار قانون يفرض التعليم الإجباري علي كل ذكر وانثي في كل مراحل التعليم، فهذا ما فرضه علينا النبي محمد فرضا (طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة) ويقول عن التجنيد الإجباري (اصدار قانون يفرض التجنيد الإجباري علي كل فرد، ولا اقول كل مواطن ومواطنة لأن هذا الوضع سابق لأوانه في مثل وضعنا الحالي، ليصبح الشعب كله مسلحا ضد الاعداء، وليس في هذا ما يخالف تعاليم النبي، كما يفتي البعض، وهذا ما فرضه علينا الدين) وما قاله في خطابه كرره في رسالته حين يقول (توسيع برامج التعليم ونشره في أنحاء البلاد كافة، وتذليل العقبات التي وضعت في طريقه، وارسال البحوث العلمية بصورة واسعة للتخصص في مجالات مختلفة في البلاد المتقدمة علميا وزراعيا ،واباحة تعليم النساء وايجاد مدارس لهم اسوة بالبنين اتباعا لقوله عليه السلام).

وحين يدعو في الرسالة الي التجنيد فانه يري في التجنيد لهم تنمية بشرية ،يقول (تدريب جيش الاخوان البدو عسكريا وضمه الي الجيش النظامي …ورفع مستوي الجيش عسكريا وثقافيا واجتماعيا وسن قانون التجنيد الإجباري، كذلك رفع مستوي الشرطة الثقافي والاجتماعي).ويلتفت الي المساجين فيطالب بتحويل السجون الي اداة تعليم وتهذيب، وإطلاق سراح السجناء السياسيين ،وارجاعهم الي عملهم وتعويضهم وتعويض اسر شهدائهم ،ومعني هذا إطلاق حرية النخبة المثقفة في بناء وعي المواطنين وإحداث تنمية بشرية. ويرتبط بالتنمية البشرية والإصلاح السياسي والتشريعي والعمراني محاربة الفساد.ومن وجهة نظره يتركز الفساد في الاستعمار الأمريكي وعملائه داخل المملكة، ولم يكتف بأن يجعل للقوانين المقترحة دورا في مطاردة الفساد والمفسدين من الأمريكيين واتباعهم ،وانما طالب بإجراءات اخري ،منها الغاء ما اسماه (مكاتب التجسس اللعينة ضد الجيش والشعب)و(ابعاد) مدير سكة الحديد الجاسوس الأمريكي الملقب بالشيخ قلدي..) و(الغاء اوكار التجسس الأمريكية التي يشرف عليها امثال المستشرقين العالميين) وذكر أسماءهم وأماكن تواجدهم، والحق بذلك المطالبة بابعاد الباكستانيين والعمال الاجانب وغيرهم (من خونة العرب)الذين تجلبهم ارامكو.

ومن وجهة نظره يرتبط بملاحقة الفساد (ايجاد ميزانية للمصروفات والواردات في كافة أنحاء الدولة تتماشي مع حفظ ثروة الشعب وتعمير البلاد، ووضع حد للتبذير ووسائل الترف والتصرفات الشخصية في ميزانية الدولة واموال الشعب، كبناء القصور واستيراد السيارات والكماليات، وأنواع الرقيق، والمئات من النساء، وصرف الاموال في سبيل الشهوات والهبات والصداقات والعادات السنوية والرشوات، والرحلات الملكية التي تنفق فيها الملايين بلا حساب).

وفي موضع اخر يطالب بتطهير جهاز الدولة من جميع الدخلاء والخونة والحكام المرتزقة والجهلاء والظلمة ومحاسبة اللصوص الكبار الذين سرقوا مال الشعب مهما كانت مراكزهم وقرابتهم للبلاط الملكي، واسترداد اموال الشعب المسروقة ليعاد استخدامها في سبيل المرافق العامة، وتأمين حاجات العجزة والمتسولين من ضحايا الظلم كمقطوعي اليد والارجل ومنكوبي السيول والحرائق. وبالتالي فان ناصر السعيد لا يري ان أجهزة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تقوم بواجبها الشرعي، لذلك نراه يطالب ليس فقط بإلغائها ولكن بإلغاء نفوذ آل الشيخ، يقول (تحطيم الطغيان الديني المزيف الممثل بأفراد من آل الشيخ الذين استغلوا الدين (البرئ من دين محمد)لأغراضهم الشخصية وايذاء الشعب، والغاء هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنها بعكس اسمها تأمر بالمنكر وتنهي عن المعروف، وتوظيف افراد هذه الجماعات في اعمال اخري نافعة للشعب ولا يضار بها الشعب، فالشعب ليس بحاجة الي توجيه وإرشاد من حكومة فاسدة).

ومن الطبيعي ان تلك النظرة للسلطة الدينية المتمثلة في آل الشيخ والهيئات الدينية كانت تعبر عنها لمحات اخري سبقت يخالف فيها الاراء الدينية التقليدية، مثل دعوته للتعليم (المدني) وتعليم المرأة، والمبادرة بتحريم الرق، وقدر عددهم وقتها في المملكة بحوالي ستمائة الف من الذكور والاناث، وهناك مطالب اخري في هذا السياق تعتبر تحديا للموروث السلفي، مثل مطالبته بحرية الاعتقاد للشيعة ،يقول :"إطلاق الحريات لأخواننا المواطنين من أبناء الشيعة لممارسة شعائرهم الدينية ومساواتهم في جميع مرافق الحياة العامة، والغاء الطائفية الممقوتة". ويرتبط بهذه النظرة رأيه في حرية الفكر والرأي ومطالبته بإطلاق سراح السجناء السياسيين، وحتي مع كراهيته للعاملين في هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ومطالبته بالغائها ،فانه يطالب بان يعملوا في مهن اخري مفيدة ولا يطالب بمصادرة حقهم في العمل.

ولم يكتف ناصر السعيد بالإصلاح الداخلي وانما التفت الي إصلاح السياسة الخارجية للمملكة، فطالب ليس فقط بالابتعاد عن التبعية لأمريكا، بل بالتمسك بسياسة الحياد الايجابي والسير في قافلة التحرر العربي (بقيادة جمال عبد الناصر، وتجنب مبدأ ايزنهاور اللعين، وعدم التدخل في شئون البلاد الاخري) (والتعامل مع البلاد الاخري اقتصاديا وسياسيا بما فيها الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية وبقية الدول الشرقية الاخري بصرف النظر عن أنظمة الحكم فيها، علي ان تضمن الحكومة سيادة البلاد واستقلالها..).
كل هذه المطالب التي تحمل في طياتها دولة عربية عصرية تنبذ الفرقة والتبعية ، كان بإمكان أبناء سعود أن يحققوها علي المدي الطويل ، ولكنهم بدلا من هذا كانوا حريصين علي التلاعب بمصالح الدول الشقيقة من أجل مكاسب شخصية ، مكاسب لن تعود علي دولتهم بالنفع ، ولكن لأنهم الدولة الوحيدة في العالم التي سميت باسم عائلة حكامها وكأنها عزبة موروثة لهم ، فهم يتصورون أن مكاسبهم من التدخلات في الدول الأخري ستعود بالنفع علي دولتهم ، ولكنهم يتناسون دوما - لأنهم لايقدرون علي النسيان - أن مصر ليست مجرد تابع ، وأن رياح الثورة التي خلعت منها نظام التبعية ، لايمكن أن تقبل أن تتدخل السعودية أو غيرها في الشأن المصري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق