بعد مقتل سيد بلال سيطرت عليّ مجموعة من الافكار، مجرد افكار لا تتحول إلى فعل ولا حتى الكتابة ولا حتى الكلام، افكار وفقط
الفكرة الأولى هى محاولة استنتاج أسباب الموت السريع بعد يوم تعذيب واحد.
بالتأكيد لم يكن القائم على التعذيب يهدف إلى قتله، لأنه لن يدلى بأى معلومات بعد الموت، هو كان يهدف إلى وضعه على حافة الموت فيفتدي حياته بمعلومة.
فما الذى جعله يفشل فى التوقف عند الحافة. هل كان مبتدئ؟ هل انشغل بأمر خاص به لثوانى فنسيه على جهاز الصعق الكهربائى، أم أن سيد نفسه أصيب بمرض فى القلب جعله لم يعد يتحمل نفس ساعات التعذيب التى تحملها من قبل؟
كل هذا ممكن.. لكن التصور الذى ارتحت له هو أن سيد نجح فى تدريب نفسه على ألا يصرخ من آلام التعذيب، فظل المعذب يضاعف الجرعة منتظرا أن يسمع صرخات سيد، وظل سيد يكتم صراخه، حتى مات.
تأكدت من هذا التصور بعد أن قرأت توجيه شيخ السلفيين لزملاء سيد بالصبر على موت رفيقهم، وعندما قرأت أيضا أن سيد ذهب إلى مقر التعذيب باختياره مستسلما حاملا بطانية وربما مصحف.
توقعت أيضا أن القائم على التعذيب بمجرد أن تأكد أن سيد مات صرخ قائلا (إيه الواد ابن ... الغبى ده، ما كنش بيصرخ ليه؟، أنا أعرف ازاى إنه هيموت).
الفكرة التالية التى سيطرت عليّ بعد ذلك مباشرة هى محاولة الإجابة على سؤال كيف كان يفكر سيد؟ وعرفت أن سيد وزملاءه لا يؤمنون بالعنف ولا يدعون إليه، وإن كان مظهرهم يوحى بالعكس.
لكن حتى لو كان سيد يدعو إلى العنف، حتى لوكان ارتكب جريمة قتل، حتى لو كان ارتكب جريمة خيانة عظمى مثل طارق الجاسوس، هل يجوز قتله تعذيبا؟؟
الفكرة الثالثة الاكثر ايلاما سيطرت عليّ عندما قرأت ما كتبه عبد المنعم محمود عن أم سيد بلال. ودعوة الدستور الأصلي لزيارتها
أنا التى كنت دائما أول ما يتبادر إلى ذهنى شعور الأمهات، سجن.. اعتقال..
مرض.. موت.. تعذيب.. حادث طريق، بمجرد أن أقرأ أو أسمع خبرا أفكر فى الأم، أسأل نفسى يا ترى أمه عاملة إيه؟، أو أندب (يا حسرة قلب أمه)، أو أدعو (يارب صبر أمه)، أو أحاول تهدئة مشاعرى (أكيد أمه هتدخل الجنة).
حتى تفاعلى مع قصة الجاسوس طارق الاخيرة بدأ بفكرة التعاطف مع أمه، والتفكير فى حالتها، وتأمل شكلها فى الصور وأنا ادعو الله أن يخفف عنها.
(رغم أن قراءة أغلب ما كتب عن طارق الجاسوس لم تمنحنى القدرة على التوصل إلى أى دافع أو مبرر أو سبب يجعل إنسانا عاقلا يعمل جاسوسا ضد بلده.
في حين اننى دائما جاهزة بتقديم تصور عن مبررات أى مجرم حتى لو كنت أرفضها أو أدينها).
فكرت إذن فى كل الأمهات حتى أمهات المجرمين، كل الأمهات حتى أم الجاسوس، وتأخرت جدا قبل أن أنتبه إلى أم سيد، واحتجت إلى من يذكرنى بأهمية التعاطف والمساندة.
أشعر بالذنب وبالتقصير وبالرغبة في الاعتذار لأم سيد. وأتمنى أن تصفح عنى. وعن كل من اشتركوا فى قتل ابنها ولو بالصمت أو بالنسيان. أشعر بالتقصير لأن أفكارى ظلت مجرد أفكار.
ملحوظة أخيرة: أنوي زيارة أم سيد لكن لا أنوى أبدا مطالبتها بفعل أي شئ، يكفيها البكاء لو استطاعت.
الفكرة الأولى هى محاولة استنتاج أسباب الموت السريع بعد يوم تعذيب واحد.
بالتأكيد لم يكن القائم على التعذيب يهدف إلى قتله، لأنه لن يدلى بأى معلومات بعد الموت، هو كان يهدف إلى وضعه على حافة الموت فيفتدي حياته بمعلومة.
فما الذى جعله يفشل فى التوقف عند الحافة. هل كان مبتدئ؟ هل انشغل بأمر خاص به لثوانى فنسيه على جهاز الصعق الكهربائى، أم أن سيد نفسه أصيب بمرض فى القلب جعله لم يعد يتحمل نفس ساعات التعذيب التى تحملها من قبل؟
كل هذا ممكن.. لكن التصور الذى ارتحت له هو أن سيد نجح فى تدريب نفسه على ألا يصرخ من آلام التعذيب، فظل المعذب يضاعف الجرعة منتظرا أن يسمع صرخات سيد، وظل سيد يكتم صراخه، حتى مات.
تأكدت من هذا التصور بعد أن قرأت توجيه شيخ السلفيين لزملاء سيد بالصبر على موت رفيقهم، وعندما قرأت أيضا أن سيد ذهب إلى مقر التعذيب باختياره مستسلما حاملا بطانية وربما مصحف.
توقعت أيضا أن القائم على التعذيب بمجرد أن تأكد أن سيد مات صرخ قائلا (إيه الواد ابن ... الغبى ده، ما كنش بيصرخ ليه؟، أنا أعرف ازاى إنه هيموت).
الفكرة التالية التى سيطرت عليّ بعد ذلك مباشرة هى محاولة الإجابة على سؤال كيف كان يفكر سيد؟ وعرفت أن سيد وزملاءه لا يؤمنون بالعنف ولا يدعون إليه، وإن كان مظهرهم يوحى بالعكس.
لكن حتى لو كان سيد يدعو إلى العنف، حتى لوكان ارتكب جريمة قتل، حتى لو كان ارتكب جريمة خيانة عظمى مثل طارق الجاسوس، هل يجوز قتله تعذيبا؟؟
الفكرة الثالثة الاكثر ايلاما سيطرت عليّ عندما قرأت ما كتبه عبد المنعم محمود عن أم سيد بلال. ودعوة الدستور الأصلي لزيارتها
أنا التى كنت دائما أول ما يتبادر إلى ذهنى شعور الأمهات، سجن.. اعتقال..
مرض.. موت.. تعذيب.. حادث طريق، بمجرد أن أقرأ أو أسمع خبرا أفكر فى الأم، أسأل نفسى يا ترى أمه عاملة إيه؟، أو أندب (يا حسرة قلب أمه)، أو أدعو (يارب صبر أمه)، أو أحاول تهدئة مشاعرى (أكيد أمه هتدخل الجنة).
حتى تفاعلى مع قصة الجاسوس طارق الاخيرة بدأ بفكرة التعاطف مع أمه، والتفكير فى حالتها، وتأمل شكلها فى الصور وأنا ادعو الله أن يخفف عنها.
(رغم أن قراءة أغلب ما كتب عن طارق الجاسوس لم تمنحنى القدرة على التوصل إلى أى دافع أو مبرر أو سبب يجعل إنسانا عاقلا يعمل جاسوسا ضد بلده.
في حين اننى دائما جاهزة بتقديم تصور عن مبررات أى مجرم حتى لو كنت أرفضها أو أدينها).
فكرت إذن فى كل الأمهات حتى أمهات المجرمين، كل الأمهات حتى أم الجاسوس، وتأخرت جدا قبل أن أنتبه إلى أم سيد، واحتجت إلى من يذكرنى بأهمية التعاطف والمساندة.
أشعر بالذنب وبالتقصير وبالرغبة في الاعتذار لأم سيد. وأتمنى أن تصفح عنى. وعن كل من اشتركوا فى قتل ابنها ولو بالصمت أو بالنسيان. أشعر بالتقصير لأن أفكارى ظلت مجرد أفكار.
ملحوظة أخيرة: أنوي زيارة أم سيد لكن لا أنوى أبدا مطالبتها بفعل أي شئ، يكفيها البكاء لو استطاعت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق