الاثنين، ديسمبر 13، 2010

طال يوم الظلم في مصر.. ولم نَدْرِ بعد اليوم للعدل مقاما

لم يكن يساورني أدنى شك من البداية أن الوعود التي قطعها نظام مبارك بأن تكون الانتخابات نزيهة وشفافة هي من نوع الوعود الفارغة التي جربناها كثيرا واختبرناها مرارا ونعلم حقيقتها، ولم يكن من المنطقي أيضا أن نصدق أنه بعد 30 سنة من التزوير وتلفيق الانتخابات أن تختلف آخر انتخابات برلمانية يجريها مبارك في عهده الذي لا نتوقع أن يستمر طويلا، أن تكون بالفعل حرة ونزيهة وشفافة، حيث اختار مبارك أن يختم حياته بهذا العبث البوليسي الذي يجري الآن في ربوع مصر والذي سيسجله التاريخ، في انتهاك واضح لأبسط مبادئ القانون التي تعارف عليها البشر لتنظم حياتهم وحقوقهم.
لن أتوقف كثيرا عند الانتهاكات الأمنية التي تتصدر الآن نشرات الأخبار ووكالات الأنباء في الإعلام الدولي، حيث المطاردات والاعتداءات للمرشحين المنافسين للحزب الوطني وأنصارهم من الإخوان في إطار عملية سياسية اعترف أحد أعضاء الحزب الوطني في الاسكندرية علنا في أحد البرامج الفضائية أن مباحث أمن الدولة هي التي تشرف على إجرائها.
ولكني سأتوقف عند قصة المرشحين المستبعدين سواء كانوا من المستقلين الذين تحدوا إرادة الحزب الوطني وأرادوا الترشيح، أو بعض نواب الإخوان المسلمين السابقين الذين اتخذ النظام قرارا بإبعادهم وحرمانهم من الترشيح بدون سبب إلا حكم (قاراقوش) وقانون (أمنا الغولة) وشريعة (أبو رجل مسلوخة).
ففي طنطا استمرت مدرية أمن الغربية في رفض استلام أوراق 13 مرشحا مستبعدا، حيث فوجئ المستبعدون برفض قبول أوراقهم بدون سبب واضح رغم حصولهم على أحكام قضائية واجبة النفاذ، فقاموا بالتوجه إلى اللجنة العليا للانتخابات برئاسة المستشار السيد عبد العزيز عمر رئيس محكمة استئناف القاهرة، والذي أصدر لهم القرار رقم 61 لسنة 2010 الصادر من اللجنة العليا للانتخابات، والذي ينص على تنفيذ وزارة الداخلية للأحكام الصادرة ، إلا أن المستبعدين فوجئوا بأن مدرية الأمن ترفض استلام أوراقهم لعدم وجود قرار من وزير الداخلية!!.
وما حدث مع المستقلين المنشقين عن الوطني تكرر أيضا مع  7 من مرشحي الإخوان، من بينهم5  نواب حاليين، شطب 4 منهم من كشوف المرشحين بالإسكندرية، رغم أن من بينهم نائبين في دائرتهما لمدة 10 سنوات متصلة، وهما النائبان حسين محمد إبراهيم (عمال- مينا البصل)، ومصطفى محمد مصطفى (عمال- المنتزه)، هذا بالإضافة إلى النائبين صابر أبو الفتوح (عمال- باب شرقي)، والمحمدي سيد أحمد (عمال- الرمل)، ويُضاف إليهم النائب د. جمال قرني (فئات- الحوامدية)، والسيدة عزة الجرف (فلاحين- 6 أكتوبر)، ود. محمد الأنصاري (فئات- جرجا) الذين تم منعهم بالتعنت والقوة والاختطاف من تقديم أوراق ترشحهم، وحصلوا على أحكام قضائية.
ولكن إجراءات نظام الفساد والاستبداد لم تكن عبثية، بل محسوبة مثل لعبة الشطرنج، في اطار جدول زمني ضيق تتخلله عطلة رسمية للعيد، فعندما منعوهم من الترشيح كانوا يعلمون أنهم سيحصلون على أحكام قضائية بإدراج أسمائهم في كشوف المرشحين، ولكنهم يعلمون أيضا أن هذه الأحكام لن تنفذ وسيجري الاستشكال عليها أمام محاكم غير مختصة، مستغلين بعض الثغرات القانونية المقصودة التي لا تليق بدولة أن تتلاعب بها، وذلك حتى يفوتوا عليهم فرصة الانتخابات و(توتة توتة خلصت الحدوتة .. حلوة ولا ….).
فقد قام  الحزب الوطني صاحب الفكر الجديد باستخدام أساليب تعود لأسوأ عصور الديكتاتورية والفساد الإداري، وتابعها بالاستشكال على الأحكام الصادرة لصالح المستبعدين أمام محكمة جنايات الإسكندرية وهي محكمة لا علاقة لها مطلقا بالانتخابات وذلك لتعطيل تنفيذ الأحكام، وقامت المحكمة اليوم السبت 20 نوفمبر بتأجيل نظر الاستشكالات ليوم 30 نوفمبر، أي بعد الانتخابات المقرر إجراؤها 28 نوفمبر، وساعتها ستحكم المحكمة بعدم الاختصاص، ولكن تكون الانتخابات قد انتهت .. وهذه هي النزاهة والشفافية التي وعد بها الرئيس وحزبه الطفيلي الذي يقتات على السلطة !!.
هل رأيتم نزاهة أكثر من ذلك؟ .. أو شفافية أعظم من ذلك؟
وصدق الغياتي عندما قال:
رب !! ماذا يصنع المصري إن     جاوز الصبرُ مدى الصدر فقاما ؟!
طال يوم الظلم في مصر، ولم       نَدْرِ بعد اليوم للعدل مقاما
أسامة رشدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق