الخميس، نوفمبر 11، 2010

جبت لك العار يابا......


اشترى بلدينا جهاز فيديو جديد وطلب من ابنته أن تذهب لنادي الفيديو وتؤجر له فيلما جيدا. ذهبت الفتاة، فاقترح عليها صاحب نادي الفيديو فيلما رائعا - كما وصفه - وهو فيلم العار، فعادت الفتاة سعيدة وهي تقول لوالدها: جبت لك العار يابا جبت لك العار.. فأطلق والدها عليها الرصاص. ههههه باحبها قوي أنا النكتة دي.. لا باحبها بجد، وكل ما افتكرها وأنا قاعدة لوحدي أقعد أضحك، وأكره من لا يحب هذه النكتة، وأستغلسه، نكتة رائعة، وكلما قدمت كلما زادت قيمتها مثل الجبن الرومي، إيه؟ مش عاجباكوا؟ دي لطيفة قوي، ألطف من نكتة: مرة واحد قال للبقال عندك بقرش حلاوة قال له لا وهو عنده جوه.
ألا ترى عمق التحليل في هذه النكتة؟ ألا ترى حدة الرؤية؟ بلاغة التلخيص؟

تشاجرت مع زوجها، وخرجت من بيتها، فقال لهم زوجها حين ذهب يقدم البلاغ: جب لك العار يابا، فخرج الآلاف في الكنائس، ثم بعدها في المساجد - ومازالوا يخرجون حتى الآن - كل يطالب "بعودة" كاميليا، وكل يؤكد أنها أسلمت، ولم يعرفوا حتى الآن ملابسات ما حدث، وبالمناسبة قصة كاميليا الحقيقية طويلة، وليس لها أي علاقة بما يرويه الثلاثة جوانب (الرواية الرسمية والمسيحية والإسلامية)، وعلى المسئولين الذين يعرفون حقيقة قصتها أن يجلوا الأمر للجماهير حتى نرتاح من وجع الرأس.
أصدر الأستاذ عزازي علي عزازي بيانا، ثم قدم استقالته، ظانا أن إبراهيم عيسى سوف يشوطه من منصبه ويحل محله، وأصدر حزب الكرامة بيانا توضيحيا، كل ذلك لأن جابر القرموطي قال في برنامجه: جبت لك العار يابا.. ولم يوضح من أين أتى بمعلوماته.
وكان قبل ذلك قد خرج الآلاف يهتفون ضد الجزائر، ويثورون لكرامة مصر، بعد أن خسر المنتخب القومي مباراة مع منتخب الجزائر في أم درمان، ولم يخرج الآلاف رفضا لخسارة المباراة، ولكن لأن الفنانين والإعلاميين عادوا من هناك ليقولوا للناس عبر القنوات الفضائية: جبت لك العار يابا.

وهكذا سيداتي آنساتي سادتي، دوما وأبدا، تبنى ردود الأفعال المصرية، في مختلف المجالات، وعلى كافة الأصعدة، وفي كل المستويات، على جمل لا ينتظر الناس قليلا لفهم فحواها الحقيقي، وعلى شائعات لا يكلف المصريون خاطرهم للتروي ومعرفة ما إذا كانت حقيقة أم سراب أم أنهم أساءوا الفهم. المواطن اليافع بلدينا الذي طخ ابنته قبل أن يتبين ماذا تعني بقولها: جبت لك العار يابا، هو مواطن مصري أصيل، يمثل الشريحة الأوسع والأكثر تأثيرا.

النكتة العبقرية، تلخص لك، كيف اقتنع المصريون بأنهم شعب من الكسالى، وأنهم متواكلون، وأنهم "بيرموا كل حاجة على الحكومة"، بالرغم من فداحة زيف هذه الشائعات، وكيف اقتنعوا بأن الفلسطيين باعوا أرضهم، وبأن "مصر ياما ضحت عشان فلسطين"، وبأن "سواقة الستات وحشة"، وبأن الطفل المصري أذكى طفل في العالم حتى سن دخول المدرسة (مما يعني ضمنا أن كل من هو فوق سن ست سنوات غبي.. أي أن المصريين يصفون أنفسهم بالغباء الجماعي حين يرددون هذه الخرافة) وبأن "العرب بيكرهونا"، وبأننا فراعنة ولسنا عربا لكننا نهتم بقضية فلسطين - التي باعها أهلها منذ أربعة أسطر - لأنها قضية إسلامية (فراعنة ومسلمين في ذات الوقت)، وبأننا شعب واحد ونسيج واحد و"عمرنا ما كان بينا مسلم ولا مسيحي" لكن المسيحيين يحتفظون بالأسود والأسلحة في البدروم والقسيس يتف في عجين القربان، هذا بخلاف فيلم وردة وسيد مكاوي وعادل أدهم اللي كل الناس شافته إلا أنا، وشريط الكاسيت للقس المسلم اللي كل الناس سمعته إلا أنا، والسيدة التي لم تر الكعبة لأنها ساحرة، والتي سمع مكالمتها كل الناس برضه إلا أنا.. كل ذلك وأكثر منه، بسبب جبت لك العار يابا.


ماهي راخرة بت غبية، ما كانت تقول له: جبت فيلم العار يابا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق