مجدي سلامة
كان الصبح قد بدأ يتنفس.. والمساجد تبتهل الي الله وتقيم شعائر صلاة الفجر.. والقاهرة يلفها السكون.. والمنازل لاتزال نائمة، ما عدا منزل واحد في مدينة السلام طار منه النوم.
استيقظ مذعوراً علي مفاجأة غير متوقعة، فتحول علي اثرها الي مسرح لعملية حربية.
قوة شرطة من قسم السلام أول يقودها معاون مباحث القسم النقيب حسام نصر انطلقت في مطلع فجر يوم الأحد الماضي قاصدة منزلاً بمنطقة «اسبيكو الأهالي» بمدينة السلام، وخلال دقائق وصلوا للمنزل الموعود.. منزل خلف جاد عبد العزيز «64 عاما موظف بالمعاش» الذي يقيم فيه مع زوجته وبناته الثلاث وابنه «تامر» 22 عاما.
كانت المساجد لم تنته من الصلوات بعد، بينما قوة الشرطة تقتحم منزل خلف!
طرقات شديدة ومتلاحقة علي باب المنزل، هكذا بدأوا عملية الاقتحام.. استيقظ «خلف» علي الصوت.. وقف مذعوراً من شدة الطرق، وبشكل لا ارادي هرول باتجاه الباب، ووقف خلفه وقال بصوت يهزه الرعب: مين؟.. جاءته الاجابة من الخارج: إحنا الحكومة.. افتح.
يقول خلف: شعرت بشيء من الاطمئنان فلقد كان كل خوفي أن يكون الطارقين علي الباب بلطجية، طالما كانوا حكومة فأهلا بهم وسهلاً.
يواصل «خلف»: فتحت الباب فإذا بأكثر من 12 رجل شرطة يدفعون الي داخل المنزل ويحيطون بي، قلت: فيه إيه؟.. فلم يجبني أحد، وفوجئت بالنقيب حسام نصر يأمرهم أن يفتشوا المنزل، فقلت تفتشوا علي إيه؟ فقال النقيب «ها أوريك»!!
تذكر «خلف» الموظف السابق بمحافظة القاهرة أن تفتيش أي منزل يلزمه صدور اذن من النيابة ولهذا سأل النقيب حسام نصر: فيه اذن من النيابة بالتفتيش.. فقال النقيب بحدة «مفيش اذن نيابة احنا معانا الجيش بره».
يقول خلف: نظرت خارج المنزل فوجدت عربة شرطة عسكرية تقف الي جانب سيارات الشرطة فقلت اتفضلوا فتشوا بس استأذنكم أصحي بناتي وفتشوا زي ما انتم عايزين».
أيقظ «خلف» زوجته وبناته.. وقف الجميع في ركن بصالة المنزل وبدأ رجال الشرطة عمليات التفتيش.. وانتهي التفتيش بـ «مفيش».. مفيش أي ممنوعات او مخالفات بالمنزل.
صعد رجال الشرطة للدور الثاني من المنزل، الذي يستأجره شاب اسمه شريف حسن.. كسروا الباب واقتحموا علي «شريف» غرفة نومه وأيضا لم يجدوا شيئا.
نعود الي عم «خلف» ليحكي ما حدث بعد ذلك.. يقول «خلف»: فوجئت بالنقيب حسام نصر وأمين الشرطة محمد جلال يوجهان لي ولأسرتي سباباً وشتائم من كل شكل ولون.. وتطور السباب الي سب الدين.
يضيف خلف: لم أعلق علي الشتائم الا بقولي «ربنا يسامحكوا.. ربنا يسامحكو» وفجأة سمعت صوت سقوط شيء داخل منور منزلي.. وفوراً توجه أمين الشرطة محمد جلال الي منور المنزل وعاد حاملاً حقيبة سوداء وقال للنقيب حسام نصر «دي شنطة فيها 24 طلقة كانت في المنور، فقلت: «دي مش بتاعتنا»، فقال النقيب والأمين «محمد جلال» يواصلان شتائمهما وهنا تدخلت «سماح» ابنتي وقالت «حرام عليكو يا ظلمة.. انتوا لسه متغيرتوش.. مش الثورة خلصتنا من الحاجات دي»!
لم تكد «سماح» تنتهي من كلامها حتي فوجئت بأمين الشرطة محمد جلال يقفز الي جوارها ويصعقها بصاعق كهربي يحمله في يده، صعقها في ذراعها وعلي كتفها فسقطت علي الأرض مغشيا عليها، ولكنه واصل صعقها في رجلها بينما كانت هي فاقدة الوعي تماما.
و «سماح» فتاة مصرية الملامح قمحية البشرة، وجهها برئ كالأطفال رغم أنها تخطت عامها التاسع عشر فهي طالبة بالفرقة الثانية بمعهد العلوم الشرعية التابع لجامعة الأزهر.
وقبل أن نواصل ما جري لسماح، نتوقف حول حكاية الذخيرة التي وجدوها داخل منور «خلف».
يقول خلف: «المنور» الذي قال أمين الشرطة محمد جلال إنه وجد فيه شنطة الذخيرة يطل علي 4 منازل تجاور منزلي منهم منزل مؤجر بالغرفة ويقيم فيه 12 شخصاً من كل محافظات مصر».
ويضيف خلف: المنطق كان يقول ان يتم سؤال كل جيراني الذين يطلون علي المنور والمنطق يقول أيضا إنه اذا كان رجال الشرطة قد وجدوا الشنطة في منور منزلي فكان عليهم أن يلقوا القبض علي ولكنهم ألقوا القبض علي ابني تامر وابنتي «سماح»!!
سألته: ولماذا «تامر» و «سامح»؟!
فأجاب: قلت للنقيب حسام نصر طالما تقولون إنكم وجدتم الذخيرة في منور بيتي فأنا مستعد أن أذهب معكم الي حيث تريدون ولكنه قال لي «إحنا مش عايزينك».. احنا عايزين «تامر»، وطلب من رجال الشرطة أن يجرجروه لعربة الشرطة وعندها نظر لي «تامر» وقال لي: أنا مش قلت لك إنهم مش هيسيبوني».
< عدت أسأله: وماذا كان يقصد «تامر» بهذه الجملة؟
- فقال: قبل 4 أيام روي لي «تامر» واقعة حدثت بينه وبين أمين الشرطة محمد جلال، فقال إن امين الشرطة ذهب بصحبة أمين شرطة آخر بقسم السلام أول واسمه أحمد مراد الي محل بيع موبايلات يعمل فيه «تامر»، وطلبا من «تامر» أن يحضر لهما أغلي موبايل في المحل، وعرض عليهما أجهزة موبايل أشكالاً وألواناً، وأعجب أمين الشرطة محمد جلال بأحد الأجهزة فأخذه ووضعه في جيبه، وتوجه لباب المحل للخروج، فأسرع «تامر» خلفه وقال: ياباشا.. الفلوس.. تمن الموبايل ياباشا، فرد أمين الشرطة باندهاش «انت عايز» تاخد مني فلوس كمان؟!.. وابتسم أمين الشرطة الثاني «أحمد مراد» بسخرية ورفع حاجبيه مندهشا هو الآخر، الا أن «تامر» أصر علي أن يدفع «محمد جلال» ثمن الموبايل الذي أخذه وقال أنا شغال في المحل ومقدرشي أديك الموبايل ببلاش لما صاحب المحل يكون موجود تعالي وخد منه اللي انت عاوزه.
يواصل خلف: قال لي أمين الشرطة محمد جلال عندما وجده مصمما علي أن يأخذ منه ثمن جهاز الموبايل الذي أخذه من المحل، ألقي بجهاز الموبايل علي الارض وقال: «خذ الزفت بس وحياة أمك لأخليك تلف حولين نفسك»!!
لم يهتم «تامر» بهذه العبارة واعتبرها مجرد تهديد في الهوا ولكنه عندما عاد الي المنزل في المساء حكي لوالده الحكاية كلها فقال له والده «انت عملت الصح والدنيا اتغيرت وحكاية تلفيق القضايا خلاص انتهت بعد الثورة».
يقول «خلف» قلت «لتامر» هذا الكلام ولكني فوجئت بعد 3 أيام فقط وفي فجر الأحد الماضي باقتحام الشرطة لمنزلي واصرارهم علي القبض علي «تامر»!
ولكن اذا كانوا يريدون «تامر» فلماذا ألقوا القبض علي «سماح»؟ وسط دموعها تجيب «سماح» لا أدري ما هي جريمتي حتي يفعلوا معي ما فعلوه.. فكل الذي قلته هو عبارة «حرام عليكوا يا ظلمة».
وتضيف «بمجرد قولي لهذه العبارة صعقني أمين الشرطة محمد جلال في كل انحاء جسمي ولم يتركني الا بعد أن فقدت الوعي، وعندما عاد لي الوعي وجدته واقفا الي جواري ويصر علي القبض علي، طلبت منه أن يمنحني دقيقة لأرتدي ملابس الخروج ولكنه عاجلني بمسك شعري وجذبني بشدة في اتجاه الباب حاولت المقاومة فسقطت علي الأرض فحاول جذبي من ملابسي فتمزقت فعاد يمسكني من شعري ويدفعني الي سيارة الشرطة.
تواصل سماح: وصلنا لقسم شرطة السلام أول وكانت الساعة في حوالي الخامسة صباحاً وتم ايداعي انا وشقيقي تامر في حجرة حجز بالقسم، ومن شدة خوفي كدت اسقط علي الأرض الا أن احد الضباط نهرني بشدة وقال «خليك واقفة يا..» طلبت منه ان يسمح لي بالذهاب الي دورة المياه فقال اسكتي يا.. مفيش دورة مياه هنا خليكي واقفة وارفعي ايدك لفوق «ظللت علي هذه الحال لأكثر من ساعتين وبعدها جاء احد امناء الشرطة واخذ تامر شقيقي الي مكان لا أعلمه.. وبعد نصف ساعة أعادوه الي غرفة الحجز وكان يبكي بشدة فقلت له «مالك يا تامر»؟! فقال ودموعه تتساقط بغزارة «هس هس» متتكلميش خالص علشان تخرجي من هنا، فقلت وأنا أبكي «أنا هاسكت.. هاسكت يا تامر».
وتواصل سماح «فوجئت» بأمين الشرطة محمد جلال يدخل غرفة الحجز فاستفزني دخوله فقلت له انت عايز منا إيه تاني، ودون ان يتكلم بدأ يصعقني بجهاز الكهرباء في كل انحاء جسمي.. وفي كل مرة كنت أشعر بأن جسمي يتفتت وظل يصعقني حتي سقطت علي الأرض وعندها ارتمي تامر علي الارض منهاراً وهو يقول «مش قلت لك اسكتي يا سماح.. اسكتي يا سماح».
وفي الحادية عشرة صباحاً جاء النقيب حسام نصر الي غرفة الحجز ووقف علي باب الغرفة، وقال «أنا ممكن اعملك قضية مخلكيش تتجوزي يا بنت» بس أنا أجدع منك وتصادف أن مر ضابط أمام الحجز فقال للنقيب حسام «البنت دي عملت ايه؟» فرد عليه قائلا: معملتش حاجة وإحنا مش عايزينها وهنخليها تروح حالاً».
وعندما جاءت الساعة الحادية عشرة من صباح الأحد الماضي سمحوا لـ «سماح» ان تغادر قسم شرطة السلام أول بعد 6 ساعات من الاعتقال بدون تهمة، وبدون ان يفتحوا لها محضرا وبدون ان يوجهوا لها سؤالا واحداً.. فقط عذبوها واهانوها وحرموها من اداء امتحان نهاية العام في مادة الشريعة، والذي كان قد تم في العاشرة من صباح يوم الأحد.. أي في ذات الوقت الذي كانت فيه سماح رهن الاعتقال.
الواقعة لم أسمعها من «سماح» ووالدها «خلف» وحدهما ولكني سمعتها بذات التفاصيل من شهود عيان وهما الشيخ فرج أحمد غازي امام مسجد الرحمن بـ «اسبيكو» و «سيد علي السيد» الموظف بالهيئة العربية للتصنيع.
وبشهادة اوراق وزارة الداخلية نفسها فإن «تامر» الذي ألقت الشرطة القبض عليه لم يسبق اتهامه في أية قضية.
اما أغرب ما في الواقعة فإن وزارة الداخلية تتبني حالياً مبادرة تسليم الأسلحة غير المرخصة والذخيرة، وهي المبادرة المستمرة حتي نهاية يونيو الجاري، والسؤال لماذا تجاهل قسم السلام هذه المبادرة وراح يقتحم المنازل في الفجر بحثاً عن ذخيرة؟!
والسؤال الثاني كيف نصدق أن الداخلية تغيرت بعد ثورة 25 يناير بينما رجال الشرطة مازالوا يقتحمون المنازل فجراً ويصعقون الأبرياء بالكهرباء ويعتقلونهم دون اتهام؟! كيف نصدق اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية عندما يقول ان الشرطة صارت في خدمة الشعب.
قوة شرطة من قسم السلام أول يقودها معاون مباحث القسم النقيب حسام نصر انطلقت في مطلع فجر يوم الأحد الماضي قاصدة منزلاً بمنطقة «اسبيكو الأهالي» بمدينة السلام، وخلال دقائق وصلوا للمنزل الموعود.. منزل خلف جاد عبد العزيز «64 عاما موظف بالمعاش» الذي يقيم فيه مع زوجته وبناته الثلاث وابنه «تامر» 22 عاما.
كانت المساجد لم تنته من الصلوات بعد، بينما قوة الشرطة تقتحم منزل خلف!
طرقات شديدة ومتلاحقة علي باب المنزل، هكذا بدأوا عملية الاقتحام.. استيقظ «خلف» علي الصوت.. وقف مذعوراً من شدة الطرق، وبشكل لا ارادي هرول باتجاه الباب، ووقف خلفه وقال بصوت يهزه الرعب: مين؟.. جاءته الاجابة من الخارج: إحنا الحكومة.. افتح.
يقول خلف: شعرت بشيء من الاطمئنان فلقد كان كل خوفي أن يكون الطارقين علي الباب بلطجية، طالما كانوا حكومة فأهلا بهم وسهلاً.
يواصل «خلف»: فتحت الباب فإذا بأكثر من 12 رجل شرطة يدفعون الي داخل المنزل ويحيطون بي، قلت: فيه إيه؟.. فلم يجبني أحد، وفوجئت بالنقيب حسام نصر يأمرهم أن يفتشوا المنزل، فقلت تفتشوا علي إيه؟ فقال النقيب «ها أوريك»!!
تذكر «خلف» الموظف السابق بمحافظة القاهرة أن تفتيش أي منزل يلزمه صدور اذن من النيابة ولهذا سأل النقيب حسام نصر: فيه اذن من النيابة بالتفتيش.. فقال النقيب بحدة «مفيش اذن نيابة احنا معانا الجيش بره».
يقول خلف: نظرت خارج المنزل فوجدت عربة شرطة عسكرية تقف الي جانب سيارات الشرطة فقلت اتفضلوا فتشوا بس استأذنكم أصحي بناتي وفتشوا زي ما انتم عايزين».
أيقظ «خلف» زوجته وبناته.. وقف الجميع في ركن بصالة المنزل وبدأ رجال الشرطة عمليات التفتيش.. وانتهي التفتيش بـ «مفيش».. مفيش أي ممنوعات او مخالفات بالمنزل.
صعد رجال الشرطة للدور الثاني من المنزل، الذي يستأجره شاب اسمه شريف حسن.. كسروا الباب واقتحموا علي «شريف» غرفة نومه وأيضا لم يجدوا شيئا.
نعود الي عم «خلف» ليحكي ما حدث بعد ذلك.. يقول «خلف»: فوجئت بالنقيب حسام نصر وأمين الشرطة محمد جلال يوجهان لي ولأسرتي سباباً وشتائم من كل شكل ولون.. وتطور السباب الي سب الدين.
يضيف خلف: لم أعلق علي الشتائم الا بقولي «ربنا يسامحكوا.. ربنا يسامحكو» وفجأة سمعت صوت سقوط شيء داخل منور منزلي.. وفوراً توجه أمين الشرطة محمد جلال الي منور المنزل وعاد حاملاً حقيبة سوداء وقال للنقيب حسام نصر «دي شنطة فيها 24 طلقة كانت في المنور، فقلت: «دي مش بتاعتنا»، فقال النقيب والأمين «محمد جلال» يواصلان شتائمهما وهنا تدخلت «سماح» ابنتي وقالت «حرام عليكو يا ظلمة.. انتوا لسه متغيرتوش.. مش الثورة خلصتنا من الحاجات دي»!
لم تكد «سماح» تنتهي من كلامها حتي فوجئت بأمين الشرطة محمد جلال يقفز الي جوارها ويصعقها بصاعق كهربي يحمله في يده، صعقها في ذراعها وعلي كتفها فسقطت علي الأرض مغشيا عليها، ولكنه واصل صعقها في رجلها بينما كانت هي فاقدة الوعي تماما.
و «سماح» فتاة مصرية الملامح قمحية البشرة، وجهها برئ كالأطفال رغم أنها تخطت عامها التاسع عشر فهي طالبة بالفرقة الثانية بمعهد العلوم الشرعية التابع لجامعة الأزهر.
وقبل أن نواصل ما جري لسماح، نتوقف حول حكاية الذخيرة التي وجدوها داخل منور «خلف».
يقول خلف: «المنور» الذي قال أمين الشرطة محمد جلال إنه وجد فيه شنطة الذخيرة يطل علي 4 منازل تجاور منزلي منهم منزل مؤجر بالغرفة ويقيم فيه 12 شخصاً من كل محافظات مصر».
ويضيف خلف: المنطق كان يقول ان يتم سؤال كل جيراني الذين يطلون علي المنور والمنطق يقول أيضا إنه اذا كان رجال الشرطة قد وجدوا الشنطة في منور منزلي فكان عليهم أن يلقوا القبض علي ولكنهم ألقوا القبض علي ابني تامر وابنتي «سماح»!!
سألته: ولماذا «تامر» و «سامح»؟!
فأجاب: قلت للنقيب حسام نصر طالما تقولون إنكم وجدتم الذخيرة في منور بيتي فأنا مستعد أن أذهب معكم الي حيث تريدون ولكنه قال لي «إحنا مش عايزينك».. احنا عايزين «تامر»، وطلب من رجال الشرطة أن يجرجروه لعربة الشرطة وعندها نظر لي «تامر» وقال لي: أنا مش قلت لك إنهم مش هيسيبوني».
< عدت أسأله: وماذا كان يقصد «تامر» بهذه الجملة؟
- فقال: قبل 4 أيام روي لي «تامر» واقعة حدثت بينه وبين أمين الشرطة محمد جلال، فقال إن امين الشرطة ذهب بصحبة أمين شرطة آخر بقسم السلام أول واسمه أحمد مراد الي محل بيع موبايلات يعمل فيه «تامر»، وطلبا من «تامر» أن يحضر لهما أغلي موبايل في المحل، وعرض عليهما أجهزة موبايل أشكالاً وألواناً، وأعجب أمين الشرطة محمد جلال بأحد الأجهزة فأخذه ووضعه في جيبه، وتوجه لباب المحل للخروج، فأسرع «تامر» خلفه وقال: ياباشا.. الفلوس.. تمن الموبايل ياباشا، فرد أمين الشرطة باندهاش «انت عايز» تاخد مني فلوس كمان؟!.. وابتسم أمين الشرطة الثاني «أحمد مراد» بسخرية ورفع حاجبيه مندهشا هو الآخر، الا أن «تامر» أصر علي أن يدفع «محمد جلال» ثمن الموبايل الذي أخذه وقال أنا شغال في المحل ومقدرشي أديك الموبايل ببلاش لما صاحب المحل يكون موجود تعالي وخد منه اللي انت عاوزه.
يواصل خلف: قال لي أمين الشرطة محمد جلال عندما وجده مصمما علي أن يأخذ منه ثمن جهاز الموبايل الذي أخذه من المحل، ألقي بجهاز الموبايل علي الارض وقال: «خذ الزفت بس وحياة أمك لأخليك تلف حولين نفسك»!!
لم يهتم «تامر» بهذه العبارة واعتبرها مجرد تهديد في الهوا ولكنه عندما عاد الي المنزل في المساء حكي لوالده الحكاية كلها فقال له والده «انت عملت الصح والدنيا اتغيرت وحكاية تلفيق القضايا خلاص انتهت بعد الثورة».
يقول «خلف» قلت «لتامر» هذا الكلام ولكني فوجئت بعد 3 أيام فقط وفي فجر الأحد الماضي باقتحام الشرطة لمنزلي واصرارهم علي القبض علي «تامر»!
ولكن اذا كانوا يريدون «تامر» فلماذا ألقوا القبض علي «سماح»؟ وسط دموعها تجيب «سماح» لا أدري ما هي جريمتي حتي يفعلوا معي ما فعلوه.. فكل الذي قلته هو عبارة «حرام عليكوا يا ظلمة».
وتضيف «بمجرد قولي لهذه العبارة صعقني أمين الشرطة محمد جلال في كل انحاء جسمي ولم يتركني الا بعد أن فقدت الوعي، وعندما عاد لي الوعي وجدته واقفا الي جواري ويصر علي القبض علي، طلبت منه أن يمنحني دقيقة لأرتدي ملابس الخروج ولكنه عاجلني بمسك شعري وجذبني بشدة في اتجاه الباب حاولت المقاومة فسقطت علي الأرض فحاول جذبي من ملابسي فتمزقت فعاد يمسكني من شعري ويدفعني الي سيارة الشرطة.
تواصل سماح: وصلنا لقسم شرطة السلام أول وكانت الساعة في حوالي الخامسة صباحاً وتم ايداعي انا وشقيقي تامر في حجرة حجز بالقسم، ومن شدة خوفي كدت اسقط علي الأرض الا أن احد الضباط نهرني بشدة وقال «خليك واقفة يا..» طلبت منه ان يسمح لي بالذهاب الي دورة المياه فقال اسكتي يا.. مفيش دورة مياه هنا خليكي واقفة وارفعي ايدك لفوق «ظللت علي هذه الحال لأكثر من ساعتين وبعدها جاء احد امناء الشرطة واخذ تامر شقيقي الي مكان لا أعلمه.. وبعد نصف ساعة أعادوه الي غرفة الحجز وكان يبكي بشدة فقلت له «مالك يا تامر»؟! فقال ودموعه تتساقط بغزارة «هس هس» متتكلميش خالص علشان تخرجي من هنا، فقلت وأنا أبكي «أنا هاسكت.. هاسكت يا تامر».
وتواصل سماح «فوجئت» بأمين الشرطة محمد جلال يدخل غرفة الحجز فاستفزني دخوله فقلت له انت عايز منا إيه تاني، ودون ان يتكلم بدأ يصعقني بجهاز الكهرباء في كل انحاء جسمي.. وفي كل مرة كنت أشعر بأن جسمي يتفتت وظل يصعقني حتي سقطت علي الأرض وعندها ارتمي تامر علي الارض منهاراً وهو يقول «مش قلت لك اسكتي يا سماح.. اسكتي يا سماح».
وفي الحادية عشرة صباحاً جاء النقيب حسام نصر الي غرفة الحجز ووقف علي باب الغرفة، وقال «أنا ممكن اعملك قضية مخلكيش تتجوزي يا بنت» بس أنا أجدع منك وتصادف أن مر ضابط أمام الحجز فقال للنقيب حسام «البنت دي عملت ايه؟» فرد عليه قائلا: معملتش حاجة وإحنا مش عايزينها وهنخليها تروح حالاً».
وعندما جاءت الساعة الحادية عشرة من صباح الأحد الماضي سمحوا لـ «سماح» ان تغادر قسم شرطة السلام أول بعد 6 ساعات من الاعتقال بدون تهمة، وبدون ان يفتحوا لها محضرا وبدون ان يوجهوا لها سؤالا واحداً.. فقط عذبوها واهانوها وحرموها من اداء امتحان نهاية العام في مادة الشريعة، والذي كان قد تم في العاشرة من صباح يوم الأحد.. أي في ذات الوقت الذي كانت فيه سماح رهن الاعتقال.
الواقعة لم أسمعها من «سماح» ووالدها «خلف» وحدهما ولكني سمعتها بذات التفاصيل من شهود عيان وهما الشيخ فرج أحمد غازي امام مسجد الرحمن بـ «اسبيكو» و «سيد علي السيد» الموظف بالهيئة العربية للتصنيع.
وبشهادة اوراق وزارة الداخلية نفسها فإن «تامر» الذي ألقت الشرطة القبض عليه لم يسبق اتهامه في أية قضية.
اما أغرب ما في الواقعة فإن وزارة الداخلية تتبني حالياً مبادرة تسليم الأسلحة غير المرخصة والذخيرة، وهي المبادرة المستمرة حتي نهاية يونيو الجاري، والسؤال لماذا تجاهل قسم السلام هذه المبادرة وراح يقتحم المنازل في الفجر بحثاً عن ذخيرة؟!
والسؤال الثاني كيف نصدق أن الداخلية تغيرت بعد ثورة 25 يناير بينما رجال الشرطة مازالوا يقتحمون المنازل فجراً ويصعقون الأبرياء بالكهرباء ويعتقلونهم دون اتهام؟! كيف نصدق اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية عندما يقول ان الشرطة صارت في خدمة الشعب.
بوابة الوفد الاليكترونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق