هناك مخطط أو مؤامرة في البلد
هذا ما هو مطلوب منا أن نسلم به طبقا لبيانات المجلس العسكري وتصريحات حكومة شرف.
جايز ليه لأ؟
لكن كي نصدق أو نقتنع (لا أقول نسلم) فيبدو على عاتق المجلسين مهمة صغيرة جدا لعلها بديهية كذلك هي أن يجيبا عن سؤالين:
1- مَن المخططون؟
2- وأين هي هذه المؤامرات وهؤلاء المتآمرون؟
حتى الآن نسمع ضجيجا ولا نرى طحنا، فلا ينفع هنا مجرد الكلام المرسل خصوصا أنه يصدر من أعلى مستويات المسؤولية في البلاد، لكن هذه الأجهزة الهائلة المهابة والمهيبة لا تقدم لا دليلا ولا مخططين ولا متآمرين، فيبدو الأمر أقرب إلى تحليلات وتوقعات منه إلى حقائق موجودة ملموسة ممسوكة، فلا أحد يمسك القاتل لكن قلبهم حاسس إنه فيه قاتل خصوصا أننا نرى القتيل!
إذا كانت عجلة التصريحات لا تتوقف من كل الأطراف المسؤولة عن إبداء اليقين أن مؤامرة وراء المظاهرات الفئوية ومظاهر البلطجة والعنف ضد الشرطة (على اعتبار أن الشرطة قد تحولت إلى ضباط من الملائكة بعدما نبت لهم ريش في جنوبهم وطلعت لهم أجنحة وراء أكتافهم) فليس لدينا وقت لنضيعه في التشكيك في هذه التصريحات، لكن لدينا عقلا نشغله في السؤال عن أدلة وإثباتات تشير إلى أصحاب وصناع هذه المؤامرات، ونسأل حكام البلاد: طيب ولماذا لا تعلنون عنهم؟ ولماذا لا تقبضون عليهم متلبسين وتحاكمونهم علانية؟ بالتأكيد نحن نقدر انشغال هذه الأجهزة الشديد في أمور الدولة لدرجة أنهم لا يجدون وقتا للقبض على المتآمرين فيكتفون بالحديث عنهم، لكن على الأقل نلقي القبض على اتنين تلاتة من المتآمرين كي يطمئن قلب الشعب أو يتم التحقيق مع مخططي المخططات ومتآمري المؤامرات كي ينشل الفأر الذي يلعب في عب المواطنين.
المشكلة أن الحديث عن مخطط أو مؤامرة (لا يتورع بعضنا عن وصفها أحيانا بالخارجية) هو نفس ما كان يردده ويلوكه نظام مبارك إزاء أي غضب ومظاهرات من المواطنين، فكأنما التصريحات الجديدة الملحة عن المؤامرة تخرج من ذات ماكينة النظام السابق الذي جعل من كل معارض مأجورا ومن كل مظاهرة مدفوعة الأجر ومن كل شعار أو هتاف أو مطلب أجندة، والواجب هنا على إدارة للبلاد جديدة ومستجدة سياسيا أن تعرض الدليل قبل التهمة وأن تقدم المتآمر قبل المؤامرة وأن تتحقق من الحقيقة قبل أن تروجها بلا سند أو مستند، فالمؤكد أن وجود مخطط ومؤامرة يعني بوضوح فشلا ما أو عجزا ما في إدارة البلد، فها هي مصر تتعرض لمخططات ومؤامرات بما يعني ثغرات ومناطق ضعف ونقاط نقص دون أن يتمكن المسؤولون من منعها أو ردعها أو إجهاضها، ثم كذلك تحدث المؤامرات وتنفذ المخططات دون أن نعرف من وراءها ثم دون أن نمسك بمن فعلها، فلا يملك أي جهاز في مصر اعترافات من متهمين مثلا بأنهم خططوا لكذا يوم كذا ولا قبضنا على فلان أو علان، أو حتى فلانات وعلانات اجتمعوا في سرداب أو يخت، في قصر أو قبو وهم يمسكون بخرائط ويوزعون أدوارا ويمنحون أموالا أو يديرون اتصالات أو يتلقون تقارير عن منجزات الفوضى والفتنة!
إذا لم يكن لدى أجهزتنا الأمنية رفيعة أو غليظة المستوى أدلة وبراهين ومتهمون ومنفذون، فالخير كل الخير أن تصمت خالص!
وبفرض وجود مخططات ومؤامرات فها هي تنجح نجاحا واضحا فادحا، فكيف بالله عليكم نثق في قدراتكم على الصون والحماية والإدارة والحال هكذا؟ خصوصا أنه هنا بالضبط يكمن مدى الخلط والتخليط، فالبعض يريد أن يصم مثلا غضب أهالي الشهداء من غياب أو تغييب العدالة عن معاقبة المتهمين (أو حتى تبرئتهم) بالمؤامرة، بينما يزعل ويأخذ على خاطره جدا عندما يتصور البعض أن العدالة السلحفائية التي تحاكم المتهمين من لواءات وضباط الشرطة إنما هي متعمدة ومؤامرة تواطؤ مع الجهاز الأمني أو خوف وخشية من رد فعل انتقامي فوضوي من جهاز الشرطة إذا ما طالت الأحكام أعناق المتهمين!
لو فتحنا باب المخططات والمؤامرات فهو باب دوار يفتح على الاتجاهين، ولهذا لزم الدليل، أما تدليل الشرطة والحكومة ومحاولة لصق فشلهم وعجزهم وسوء إدارتهم على شماعة وجود مؤامرات فهو المؤامرة بعينها على استمرار مقصرين ومتواطئين وفاشلين وكارهين لثورة يناير ومعطلين لأهدافها فوق مقاعدهم بحجة أنها مرحلة انتقالية، والحقيقة أننا فعلا في مرحلة انتقالية، لكننا نريد أن ننتقل منها لا أن نتشل ونتعك فيها!
| الدستور
هذا ما هو مطلوب منا أن نسلم به طبقا لبيانات المجلس العسكري وتصريحات حكومة شرف.
جايز ليه لأ؟
لكن كي نصدق أو نقتنع (لا أقول نسلم) فيبدو على عاتق المجلسين مهمة صغيرة جدا لعلها بديهية كذلك هي أن يجيبا عن سؤالين:
1- مَن المخططون؟
2- وأين هي هذه المؤامرات وهؤلاء المتآمرون؟
حتى الآن نسمع ضجيجا ولا نرى طحنا، فلا ينفع هنا مجرد الكلام المرسل خصوصا أنه يصدر من أعلى مستويات المسؤولية في البلاد، لكن هذه الأجهزة الهائلة المهابة والمهيبة لا تقدم لا دليلا ولا مخططين ولا متآمرين، فيبدو الأمر أقرب إلى تحليلات وتوقعات منه إلى حقائق موجودة ملموسة ممسوكة، فلا أحد يمسك القاتل لكن قلبهم حاسس إنه فيه قاتل خصوصا أننا نرى القتيل!
إذا كانت عجلة التصريحات لا تتوقف من كل الأطراف المسؤولة عن إبداء اليقين أن مؤامرة وراء المظاهرات الفئوية ومظاهر البلطجة والعنف ضد الشرطة (على اعتبار أن الشرطة قد تحولت إلى ضباط من الملائكة بعدما نبت لهم ريش في جنوبهم وطلعت لهم أجنحة وراء أكتافهم) فليس لدينا وقت لنضيعه في التشكيك في هذه التصريحات، لكن لدينا عقلا نشغله في السؤال عن أدلة وإثباتات تشير إلى أصحاب وصناع هذه المؤامرات، ونسأل حكام البلاد: طيب ولماذا لا تعلنون عنهم؟ ولماذا لا تقبضون عليهم متلبسين وتحاكمونهم علانية؟ بالتأكيد نحن نقدر انشغال هذه الأجهزة الشديد في أمور الدولة لدرجة أنهم لا يجدون وقتا للقبض على المتآمرين فيكتفون بالحديث عنهم، لكن على الأقل نلقي القبض على اتنين تلاتة من المتآمرين كي يطمئن قلب الشعب أو يتم التحقيق مع مخططي المخططات ومتآمري المؤامرات كي ينشل الفأر الذي يلعب في عب المواطنين.
المشكلة أن الحديث عن مخطط أو مؤامرة (لا يتورع بعضنا عن وصفها أحيانا بالخارجية) هو نفس ما كان يردده ويلوكه نظام مبارك إزاء أي غضب ومظاهرات من المواطنين، فكأنما التصريحات الجديدة الملحة عن المؤامرة تخرج من ذات ماكينة النظام السابق الذي جعل من كل معارض مأجورا ومن كل مظاهرة مدفوعة الأجر ومن كل شعار أو هتاف أو مطلب أجندة، والواجب هنا على إدارة للبلاد جديدة ومستجدة سياسيا أن تعرض الدليل قبل التهمة وأن تقدم المتآمر قبل المؤامرة وأن تتحقق من الحقيقة قبل أن تروجها بلا سند أو مستند، فالمؤكد أن وجود مخطط ومؤامرة يعني بوضوح فشلا ما أو عجزا ما في إدارة البلد، فها هي مصر تتعرض لمخططات ومؤامرات بما يعني ثغرات ومناطق ضعف ونقاط نقص دون أن يتمكن المسؤولون من منعها أو ردعها أو إجهاضها، ثم كذلك تحدث المؤامرات وتنفذ المخططات دون أن نعرف من وراءها ثم دون أن نمسك بمن فعلها، فلا يملك أي جهاز في مصر اعترافات من متهمين مثلا بأنهم خططوا لكذا يوم كذا ولا قبضنا على فلان أو علان، أو حتى فلانات وعلانات اجتمعوا في سرداب أو يخت، في قصر أو قبو وهم يمسكون بخرائط ويوزعون أدوارا ويمنحون أموالا أو يديرون اتصالات أو يتلقون تقارير عن منجزات الفوضى والفتنة!
إذا لم يكن لدى أجهزتنا الأمنية رفيعة أو غليظة المستوى أدلة وبراهين ومتهمون ومنفذون، فالخير كل الخير أن تصمت خالص!
وبفرض وجود مخططات ومؤامرات فها هي تنجح نجاحا واضحا فادحا، فكيف بالله عليكم نثق في قدراتكم على الصون والحماية والإدارة والحال هكذا؟ خصوصا أنه هنا بالضبط يكمن مدى الخلط والتخليط، فالبعض يريد أن يصم مثلا غضب أهالي الشهداء من غياب أو تغييب العدالة عن معاقبة المتهمين (أو حتى تبرئتهم) بالمؤامرة، بينما يزعل ويأخذ على خاطره جدا عندما يتصور البعض أن العدالة السلحفائية التي تحاكم المتهمين من لواءات وضباط الشرطة إنما هي متعمدة ومؤامرة تواطؤ مع الجهاز الأمني أو خوف وخشية من رد فعل انتقامي فوضوي من جهاز الشرطة إذا ما طالت الأحكام أعناق المتهمين!
لو فتحنا باب المخططات والمؤامرات فهو باب دوار يفتح على الاتجاهين، ولهذا لزم الدليل، أما تدليل الشرطة والحكومة ومحاولة لصق فشلهم وعجزهم وسوء إدارتهم على شماعة وجود مؤامرات فهو المؤامرة بعينها على استمرار مقصرين ومتواطئين وفاشلين وكارهين لثورة يناير ومعطلين لأهدافها فوق مقاعدهم بحجة أنها مرحلة انتقالية، والحقيقة أننا فعلا في مرحلة انتقالية، لكننا نريد أن ننتقل منها لا أن نتشل ونتعك فيها!
| الدستور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق