استمدت مصر مكانتها المتفردة من تاريخها الطويل قبل حكم مبارك فى دعم القضايا القومية.. لذا فإن «مصر الثورة» ينبغى أن تعلن للعالم كله اليوم أنها استعادت هذا الدور وتلك الرسالة.. وربما كانت إعادة فتح معبر رفح، وإتمام المصالحة الفلسطينية فى القاهرة تجسيداً واضحاً لتيار الكرامة الوطنية الذى سرى فى عروق الأمة العربية مع تحرر مصر من قيود نظام حاكم اختزل مصر فى «فرد»..!
واليوم.. تقف القضية الفلسطينية على المحك الدولى.. فها هو «أسطول الحرية 2»، الذى يهدف لكسر الحصار الإسرائيلى عن غزة، يقبع فى المياه اليونانية، بعد تعطيله عن الإبحار إلى غزة بتدخل سافر من تل أبيب.. وها هو «الموساد» يمارس دوره التاريخى بتخريب سفينتين من أصل عشر سفن من الأسطول لمنعه من الإبحار إلى مليون ونصف المليون فلسطينى محاصرين فى غزة الجريحة.
إن «المصرى اليوم»، وهى ترى نفسها جزءاً من ضمير مصر الحى، إنما تطلق هذه المبادرة الشعبية لدعوة «أسطول الحرية 2» للإبحار إلى غزة من أحد الموانئ المصرية.. فبعيداً عن قرب المسافة، وما يوفره ذلك من فوائد لوجيستية واستراتيجية، فإننا كمصريين تعنينا الرسالة السياسية التى يجب أن توجهها «مصر الثورة» الآن.
«جرأة الأمل» هو اسم إحدى سفن القافلة التى تسعى لفك الحصار مع السفن الأخرى، وهو أصلاً عنوان كتاب باراك أوباما قبل أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، هذا العنوان أقرّ حقيقة أن المواطنين العاديين هم صناع التاريخ الحقيقيون، وتلك تحديداً رسالة المتضامنين مع غزة التى يقبع سكانها تحت حصار برى وبحرى وجوى منذ عام 2007.. إن تغيير الوضع القائم لا يتم عبر الدول ومؤسساتها فحسب، وإنما يجرى بمقارعة منطق القوة والسلطة عبر الناس أولاً.
هذا تحديداً هو ذاته منطق ثورة 25 يناير، التى رفع خلالها ملايين المصريين شعار «الكرامة»، ليعيدوا تعريف معنى إنسانيتهم وعلاقتهم بأنفسهم وبالآخرين.
قافلة «الحرية 2»، لهذه الأسباب يجب أن تنطلق من مصر، فإسرائيل لم تكن وحدها الطرف المسؤول عن حصار غزة، بل كان هناك أيضاً نظام مبارك، الذى أسهم فى هذا الحصار بجهد وافر.. فهل حان الوقت لمحو آثار هذا الدور المتخاذل الذى بلغ ذروته فى الحرب الإسرائيلية على غزة؟!
لن يساهم إبحار القافلة الإنسانية من مصر فى كسر الحصار عن غزة فقط، وإنما سيعطى المصريين ومن خلفهم ثوار الربيع العربى كلهم رسالة أمل جديدة.. فنحن المصريين لا نسعى حتماً لتغيير واقعنا الداخلى وحده، بل نريد أن تكون سياستنا الخارجية معبرة عن أصواتنا التى أسقطت أعتى نظام حاكم فى المنطقة.. ومن هذا المنطلق تدعو «المصرى اليوم» وزارة الخارجية المصرية إلى تحمل مسؤولياتها تجاه «مصر الثورة» وكل الشعوب العربية بدعوة «القافلة» للإبحار من مصر، وتطلق الصحيفة مبادرتها «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».. وفى ذلك إعلاء لرسالة التضامن مع غزة والنشطاء الدوليين، وإعادة إحياء لقلب مصر النابض بالعروبة.
| المصري اليوم،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق