الخميس، أبريل 14، 2011

سوريا : الشعب لا يريد تغيير "البردعة"

!  الخميس, 14 أبريل 2011 15:57    تحليل - محمد جمال عرفة :  جرب تدخل علي موقع (يوتيوب) وأكتب عبارة (السجون السورية) أو (التعذيب في سوريا) وخذ قبل ذلك قدرا من المهدئات اللازمة كي تتحمل .. وستفاجئ بقدر هائل من فيديوهات التعذيب التي تظهر تعذيبا بشعا للشباب السوري داخل مقرات الأمن وتصويرهم عرايا والتبول عليهم وصعقهم بالكهرباء وقتلهم والكثير الكثير !.  هذه الفيديوهات لا يمكن أن يكون قد صورها المعارضون للنظام وإنما هي مسربة من قبل ضباط الأمن أنفسهم ضمن عمليات التلذذ السادية بمشاهد هؤلاء المعذبين ونقلها لبعضهم البعض علي سبيل التسلية .. أو بهدف خلع قلوب المعارضين وردعهم لمنع تصاعد الثورة الشعبية في سوريا .  لقد ظل من كانوا يرجون خيرا من نظام الرئيس السوري بشار الأسد ، إستنادا لمواقفه الوطنية من المقاومة في فلسطين ولبنان ، ينتظرون منه أن يبادر بالقيام بحزمة إصلاحات حقيقية في سوريا ويوقف عمليات التعذيب البشع في جونتانامو سوريا ، ويفسح المحال للحريات والديمقراطية .  ولكنهم أصيبوا بإحباط شديد بعد تصريحاته الأخيرة ليس فقط لأن الرئيس السوري تحرك علي طريقة تغيير البردعة لا الحمار ، وإنما لأن البطش بالسوريين زاد وإقتحام المساجد وقصفها تصاعد ووصل الأمر لقطع المياه والكهرباء عن قري بأكملها (في بانياس ) لعقاب الشعب المطالب بالحريات وتحسين أحواله !  فترقيعات الرئيس السوري بشار الأسد التي اعلن عنها بصورة مبهمة لتحسين الحياة السياسية تشبه – كما يقول د. محمد رحال المغترب العربي في السويد – "ذلك الفارس الذي كلما خسر جولة سباق بسبب شيخوخة حماره استبدل سرجه ، وانتهى به المطاف إلى أن الحمار مات فطيسا "!.  ولهذا فهي لم تنطل علي احد وعلي العكس أظهرت أن فرصة بشار الأخيرة لإصلاح حال سوريا توشك أن تنقضي ، لتدخل البلاد قريبا نفس نفق ليبيا واليمن المظلم !.  فقد ظلت القوي الثورية الغاضبة علي تدهور أحوال البلاد وعلي البطش الأمني تطالب بالاصلاح وتبتعد عن رفع رايات (الشعب يريد تغيير النظام) ، وترفع شعارات وطنية عامة تطالب بالاصلاح وتؤكد أنها لا تريد إنهاء حكم الرئيس بشار الأسد وإنما إصلاحه .  ولكن الاصلاحات التي اعلن عنها على لسان مستشارة الرئيس السوري، بثينة شعبان أقتصرت علي "دراسة" الغاء قانون الطوارئ المعمول به منذ تسلم حزب البعث السلطة عام 1963، ودراسة اعداد مشروع لقانون الاحزاب وزيادة رواتب الموظفين في القطاع العام .  الدمويون يمنعون الاصلاحات  وقد تدخلت قوي دولية حسنة النية مثل تركيا وقطر لدي سوريا وذهبت وفود منها الي سوريا لمحاولة إقناع الرئيس بشار الأسد بإنتهاز الفرصة للقيام بإصلاحات عاجلة خشية خروج الأمر عن السيطرة والبدء بوقف أعمال التعذيب البشعة هذه وإطلاق المعتقلين ووقف قصف مساجد المدن السورية التي تندلع منها المظاهرات .  ولوحظ أن الرئيس أظهر في البداية نوعا من التجاوب ، وأعلنت مستشارته بثينة شعبان أن حفنة قرارات اصلاحية ستصدر قريبا ، ما أشاع جوا من التفاؤل الحذر ، ولكن جاءت قرارات بشار الأسد وترقيعاته التي أقتصرت علي إقاله حكومة خال زوجته التاريخية، وعقد لقاء تلفزيوني مع بعض الشيوخ والسماح بلبس البرقع ، لإظهار أنه لا يعادي الدين ، ليؤكد أن ثمة جناح في السلطة يضع العصا في دولاب الاصلاحات حتي ولو جاءت علي استحياء !.  هذا الجناح الرافض للإصلاح لأنه مستفيد من الوضع الحالي ، والداعي للبطش بالمتظاهرين هو جناح الصقور من الحزب الحاكم وبعض الأقطاب الطائفية ومن الأجهزة الأمنية خصوصا ماهر الأسد قائد الحرس الجمهوري الذي شوهد يصور جثث معارضي النظام بعد قتلهم بنفسه بالموبيل ويتفرج عليهم !.  ونجح هذا الفريق الرافض لأي إصلاحات في إقناع الرئيس بعدم تقديم أي تنازلات حقيقية والاكتفاء بتغيير البردعة لا الحمار (جوهر النظام) رغم أن المشكلة في الحمار نفسه لا البردعة ، وبدون تغيير الحمار سيظل الشعب يرفع مطالب الاصلاح ويثور وستظل الثورة تنتشر في كل مدينة سورية حتي تصل لمرحلة الحرب الأهلية.  هناك من لا يزال يعتقد أن الرئيس بشار الأسد يريد تنفيذ قدرا من الاصلاحات ، ويقولون أن اصل الفساد في سورية هم القيادات الأمنية والمخابرات والحزب ، وأربعة أسر معروفة بنفوذها ، وأن هذه القوي تمنع أي تغييرات يفكر بها أي مجموعة أخري في سوريا .  ولكن الرئيس بشار المسئول في نهاية المطاف لأنه رأس النظام ، يبدو عاجزا أو غير راغب أو غير قادر علي تنفيذ هذه الاصلاحات لأنها تعني نهاية نفوذ هذه التركيبة العائلية الطائفية الأمنية المعقدة التي تحكم سوريا منذ سنوات ، وتضع وحوش أو ضباع متوحشة في اجهزة الأمن والجيش لقمع أي تمرد وإعتباره مدعوم من الخارج وعميل .  متي تندلع الثورة الشاملة ؟  الاحتجاجات في سوريا لا تزال بلا شك مقيدة ومحاصرة بعنف ، برغم أنها جرت في أكثر من 25 مدينة سورية ، والسبب هو الخوف من الاجهزة الامنية والقلق من الفوضى كما حصل في العراق، وبعض المطالبين بالاصلاح لم يصابوا بالتشاؤم بعد بسبب الصورة الاصلاحية للرئيس السوري بشار الاسد وهناك أخرون – خصوصا التجار – الذين يترددون في التظاهر حرصا علي مصالحهم الاقتصادية .  فالمظاهرات تتركز في محافظة درعا ذات الطابع الزراعي، جنوب البلاد، وفي حمص وفي بلدة دوما (ريف دمشق) التي يغلب عليها الطابع المحافظ بالاضافة الى شمال شرق البلاد حيث يشكل الاكراد غالبية السكان فيها لمطالبات خاصة ، وأمتدت الي مدن ساحلية عديدة مثل اللاذقية وبانياس ، وبرغم إندلاعها في دمشق وحلب فهي لا تزال ضعيفة هناك بسبب البطش الأمني .  ولكن تصاعد العنف والبطش وإستخدام أساليب العقاب الجماعي مثل قطع المياه والكهرباء والسلع الاساسية عن بعض القري مثل قرية البيضة (ريف بانياس) والقرى المجاورة ومحاصرتها بقوات الجيش ومنع وصول الجرحى الى المشافي واسعافهم .. بخلاف قصف العديد من المساجد أو إقتحامها في درعا واللاذقية وغيرها ، أثار موجة غضب متصاعدة ، توشك أن تتحول الي ثورة شاملة علي النظام .  ولا شك أن ما ينشر عن مظاهرات سورية عبر الفيس بوك ووسائل الاتصالات الحديثة برغم الحصار الأمني ، بخلاف الانتقادات الأمريكية والأوروبية المتصاعدة ، يكبل يد النظام جزئيا عن خوض معارك تصفية جسدية أكبر كالتي قام بها في مدينة حماه وحمص في الثمانينات من القرن الماضي ، ويمثل ورقة ضغط .  ولكن المشكلة في سوريا هي في طبيعة النظام نفسه والتركيبة المعقدة له من قوي طائفية وأمنية وعائلية مستفيدة من بقاء الأوضاع الحالية علي ما هي عليه .  فالعائلات المسيطرة والقوي الطائفية (الطائفة العلوية) وقوي الأمن متورطه في الاستعانة ببلطجية (يسمون في سوريا (الشبيحة) لضرب وقتال المعارضين ، بحيث يخرج بعدها الجيش أو الشرطة لتعلن أن من قتلوا في مناطق معينة قتلوا بواسطة هؤلاء الشبيحة – الذين يشبهون مرتزقة القذافي الذين يستعين بهم لخحمايته - لا برصاص الجيش .  وهو وضع يمكن – لو استمر – أن يذهب بسوريا الي مربع القتال الداخلي الطائفي مستقبلا ما لم يجري تقديم تنازلات حقيقية للشعب .  الحل بالتالي لن ياتي مع تغيير النظام المستمر للبردعة ، وإنما بتغيير تروس النظام وأركانه التي لا تعرف سوي لغة العنف والبطش والفساد واستغلال النفوذ ، وأن يدركوا أن التغيير قادم قادم في المنطقة العربية كلها . والعاقل من يتعظ مما يحدث في بلدان عربية أخري ولا ينتظر الانفجار الكبير .  اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية سوريا : الشعب لا يريد تغيير "البردعة"!     بوابة الوفد الاليكترونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق