الجمعة، أبريل 29، 2011

عبدالحليم قنديل يكتب: ياجنرالات.. أقيلوا وزير الداخلية المنهك واضربوا جماعات البلطجة «السعودية»




· مطلوب من المجلس العسكري إصدار قانون لمحاكمة الفساد السياسي وتشكيل محكمة من قضاة مدنيين

· .. ومطلوب تعيين جنرال يعيد تنظيم وبناء وزارة الداخلية وإجراء محاكمات عسكرية لصناع الفتن

مع كامل الاحترام للأشخاص المعنيين، فليس فيهم من ننسب إليه فضلا، أو نسأله عن نقص، فلا النائب العام عبدالمجيد محمود مسئول عن محاكمات مبارك وعصابته، ولا رئيس الوزراء عصام شرف مسئول عن الفوضي وارتباك القرارات، ولا وزير الداخلية منصور العيسوي مسئول عن ضمان الأمن، وهو الرجل الذي ترك الخدمة منذ سنوات بعيدة جدا، وتقدم به العمر إلي حد الإنهاك، ويعاني من اعتلال الصحة، ويحتاج لمن يذكره بمواعيد تلقي العلاج، لا أن نطلب منه علاجا يقضي علي داء البلطجة المستشري كالسرطان.

المسئول قبل هؤلاء- وبعدهم- هو «المجلس العسكري»، فهو السلطة الواقعية التي رضي بها المصريون مؤقتا، ومقابل تحقيق أهداف الثورة الشعبية المصرية، والوفاء لدم شهدائها، وبرغم أي ملاحظات علي تباطؤ الخطي، فقد أثبت «المجلس العسكري»- في العموم- قابلية ملموسة لتطوير الأداء السياسي، والاقتراب من حس الناس، والمقدرة علي التقدم إلي أهداف أساسية، وبالذات فيما تعلق بتصفية أركان النظام القديم، وكانت خطوة البدء في إجراءآت محاكمة مبارك دراما وطنية لامست حدود الأحلام، الفضل فيها - طبعا- ليقظة ملايين الثائرين التلقائيين، هذا في المقام الأول، والفضل- من بعد- لقرار المجلس العسكري، وتصديه لضغوط نعلم كم كانت ثقيلة، ومحمومة بتهديداتها الغليظة، وواصلة بنفوذها إلي الأعصاب الحساسة، وبعد قرار المحاكمة،تداعت مشاهد الإيجاب سراعا في أسبوع حاسم، فقد جري حل حزب الرئيس المخلوع بحكم قضائي، وإقالة المحافظين الفاسدين الذين عينهم مبارك، وربما لم يبق غير الخطوة الأسهل، وهي حل المجالس المحلية المزورة، والذهاب بأعضائها- 53 ألفا - إلي أقرب سلة مهملات، أو ترحيلهم إلي أقرب سجن.

نعم، كنس النظام القديم مهمة المجلس العسكري، والذي زادت شعبيته بعد قرار البدء في محاكمة مبارك وعصابته، لكن المهمة بدأت بالكاد، وفي صورة قرارات حبس وإيداع في سجن مزرعة طرة، أو في مستشفي شرم الشيخ، أوفي أي مستشفي أو سجن آخر، فهذه كلها تفاصيل لاتغني عن طرح السؤال الأصلي؟، وهو من ثلاث كلمات، ونصه الكامل: كيف سيحاكم مبارك؟،وكيف ستحاكم العصابة؟، وهل نحاكم جمهورية الحرامية بقانون وضعه الحرامية، هل نحاكم الفاسدين بقانون الفاسدين؟، التناقض ظاهر حتي في الألفاظ، التناقض ظاهر في علاقة النص بالفص، فالفساد لم يكن مجرد انحراف بالسلطة، بل في بنيان سلطة فاسد بالجملة، فاسد في الأوامر، وفي القرارات، وفي التشريعات، الفساد كان نظام الحكم نفسه، ولايصح أن نحاكم فسادا بقانونه، والثورة- أي ثورة- تهدم نظاما قانونيا بكامله، تماما كما تهدم النظام السياسي، والمعني أن محاكمة مبارك وعصابته بقوانين وضعوها، ليست محاكمة من أصله، فلا يستقيم منطوقها، ولا تصح إجراءاتها، فالناس قد يهتمون بحبس مبارك وعائلته وعصابته علي ذمة التحقيق، والحدث في ذاته غاية في الإثارة التاريخية، لكن الفكرة تأتي دائما بعد السكرة، ويبرز السؤال: وماذا بعد؟، وهذا الذي بعد واضح في تاريخ الثورات كلها، فللثورات قانونها، وللثورات اعتباراتها، وهي فوق أي اعتبار آخر، والمطلوب: وضع قانون ثوري، وضع قانون لمحاكمة الفساد السياسي يشبه «قانون الغدر» الذي صدر عقب ثورة 23 يوليو 1952، والسكة سالكة، ويملك المجلس العسكري أن يصدر القانون المطلوب بجرة قلم، وأن تكون المحاكمات شاملة جامعة مانعة، وتقيم موازين عدالة حقيقية،وبتشكيل محكمة خاصة من قضاة مدنيين لاعسكريين،وتضمن للمتهمين حقوق الدفاع، وتذاع أعمالها علي الهواء مباشرة،وقتها لن يفلت أحد من عقاب،ولن تفلت العصابة بجرائمها، ولن يفلت مبارك من المصير الذي يستحقه عظة وعبرة، وهو الإعدام ألف مرة،وفي ميدان عام.

وبالطبع، لايصح أن نتوجه للنائب العام بطلب إنشاء قانون خاص بمحاكمة العصابة، فهذه- من الأصل- ليست سلطة الرجل، ولا هي سلطة رئيس الوزراء الحائر، بل سلطة المجلس العسكري الحائز الآن لقوة التشريع والتنفيذ، والقاصي والداني يعلم ما جري ويجري، فقرارات الحبس تصدر بتوقيع النائب العام، لكنها- بالبداهة- قرارات المجلس العسكري، أو هي -بالدقة- ضوء أخضر من المجلس العسكري لمكتب النائب العام، ولم يكن المستشار عبدالمجيد محمود يجرؤ علي شئ مما يفعله الآن، وهو المدين بقرار تعيينه في منصبه لحسني مبارك شخصيا، وطوال سنوات من عمله الذي يفترض أنه قضائي، كان دائما ينتظر لون الضوء، فإن كان الضوء أخضر تصرف بمقتضاه، وإن دهمه اللون الأحمر تصرف بالأمر المباشر، وأغلب المسئولين والوزراء الذين حبسهم محمود الآن، ومن ماركة إبراهيم سليمان وأحمد عز وسامح فهمي وشركاهم، أغلب هؤلاء كانوا في حمي الحصانة السياسية، وفي وضع الحصانة المانعة لعمل النائب العام، إذا حقق مع أحدهم يجري حفظ التحقيق، فوق أن أغلبهم لم يكن يستدعي أبدا إلي تحقيق، وهذه مأساة قضائية، وحساب خطايا قد لايكون مجاله الآن، المهم أن القصة أكبر من سيادة النائب العام،وتستدعي قرارا سياديا عاجلاً من سلطة الوقت، وهي المجلس العسكري لاغير.

يملك المجلس العسكري أن يصدر قانونا يليق لمحاكمة تليق بعصابة مبارك، وهذه مسئوليته، وهذا واجبه الذي يسأل عنه أمام الناس والله، تماما كما أن واجبه حفظ الأمن العام، وكلنا يعلم ما يجري،كلنا يعلم حجم التضحيات ودم شهداء الجيش، وكلنا يثق في الجيش بيت الوطنية المصرية،وكلنا يدعم سلامة وانضباط الجيش، وكلنا يعلم مدي خطورة المهمة الملقاة علي عاتق المجلس العسكري الآن، وهو يقدر عليها بالتأكيد، وبدعم وثقة ملايين المصريين والمصريات، والذين تريد لهم القوي المضادة أن يكفروا بالثورة وأيامها، وتنشر الفوضي في كل مكان، وتنشئ مزارع البلطجة،وتفاقم في مشاهد التخويف، وتسجن المصريين في معتقل القلق، والمطلوب مع المحاكمة العادلة الثورية لمبارك وعصابته، المطلوب: شئ آخر عاجل جدا، وهو ضمان أمن مصر والمصريين بشرا وحجرا، وقد أصبح الأمن في مصر كالعنقاء والخل الوفي،وسادت عناوين الفزع، من اقتحام المستشفيات وقتل مرضي، إلي خطف الفتيات، إلي حوادث الدم الطائفي، إلي صيحات التكفير والتنفير، إلي سيادة قانون الغابة، وكل هذا - وغيره- مما يجب أن يتوقف فورا، فهو امتداد لجريمة «التفريغ الأمني» التي ارتكبها مبارك ووزير داخليته ، واختفي معها أي وجود ملموس لوزارة الداخلية، اختفي ضباطها وجنودها، وأخذت أقسام الشرطة أجازة طويلة، وتحول جهاز «الخدمة السرية» إلي جيش بلطجة عمومية، ودخل ضباط «جهاز أمن الدولة» - المنحل شكلا- في حرب انتقام تتوالي فصولها، والهدف تحطيم الثورة، وتأديب المصريين الذين نهضوا إليها وأيدوها، وإشعارهم أن الثورة هي عنوان الخراب لا مقام النهضة، ودفعهم للترحم زورا علي أيام مبارك القاتل السارق الخائن لشعبه وأمته، وحرق الأرض بتفجير الفتن الطائفية، والاستزادة من دعم جماعات تنسب نفسها للمسيحية أو للسلفية، ولم يكن لها من أصدقاء خارج مكاتب جهاز أمن الدولة، ولأمن ممولين غير الأمريكيين، وغير عائلة آل سعود التي لاتخدم الحرمين بقدر ما تخدم الحرامية، ويلفت النظر في حوادث قنا التخريبية بالذات، أن جماعات التيار الإسلامي كالإخوان والجماعة الإسلامية وغالب السلفيين، كلها أعلنت براءتها مما جري، وأن معارضة تعيين محافظ لايصح أن تنصرف إلي دينه، فوق أنه لايصح أن تتحول المعارضة بدواعيها إلي قطع طرق، أو قطع كهرباء، أو احتلال دواوين، وقد جري هذا الخراب كله فيما يشبه الهياج التلقائي، لكن وراء ما يبدو تلقائيا شئ آخر غير تلقائي، وإلا فما هو تفسير رفع «العلم السعودي» في هياج قنا؟، هل رفع «العلم السعودي» مجرد مصادفة؟، أم انه الضغط السعودي ذاته الذي أعاق محاكمة مبارك لأسابيع طويلة؟، ويريد أن ينتقم لفشله بإحراق مصر، ودعم جماعات بلطجةمن وراء ستار ديني كذوب.

المطلوب بوضوح- ياجنرالات المجلس العسكري- إقالة وزير الداخلية المنهك فورا، وتعيين جنرال عسكري يعيد تنظيم وبناءوزارة داخلية تليق بمصر، وإحالة المتورطين في فتن طائفية- مسلمين كانوا أو مسيحيين- لمحاكمات عسكرية صارمة، والتحقيق الشفاف في جريمة رفع العلم السعودي علي أرض مصرية.

نعم، المجلس العسكري الآن في اختبار ثقة وكفاءة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق