الجمعة، فبراير 25، 2011

خالد محمود يكتب: لماذا لا يتدخل الجيش المصري في ليبيا؟

أنا هنا لا أحرض على توريط الجيش المصري الباسل والعظيم في تلك المشاهد المؤلمة والمحزنة التي يقطر منها القلب دما في ليبيا على حدودنا الغربية, لكنى بالأساس أنتصر لمعاني الرجولة والنخوة والكرامة التي عززناها في ثورة الشعب العاصفة في  25 يناير من أجل التغيير الجذري سواء في بيتنا من الداخل أو صورتنا لدى الخارج وما يتصل منها بدورنا الاقليمى والعربي الضائع.
أنا أنتصر لإرادة شعب يريد الخلاص من ديكتاتور وطاغية يتوعده بأحقر عبارات التهديد والوعيد ويحول الدفاع عن ملكه وعرشه المتهاوي إلى مذبحة جماعية لم ولن يشهد لها التاريخ مثيلا.

مايجرى في ليبيا أمر مشين والسكوت عنه جريمة لا يرضاها الله ولا الضمير الانسانى, ومن ثم فأنا أطالب المجلس الأعلى للقوات المسلحة ليس بإعلان الحرب على القذافى( كما قد أتمنى ويتمناه ملايين المصريين والعرب كما أزعم) ولكن بإرسال تهديد إلى القذافى لكي يتوقف الآن وفورا عن قتل شعبه بدم بارد.
لو وجهنا هذا التهديد أنا على ثقة من أن نظام القذافى سيتخلخل وسيتداعى, وسيفقد تأييد الجيش الليبي وسيشجع ذلك كبار المسئولين في أجهزة الأمن والمخابرات والحكومة على التخلي عن النظام برمته.

لا تراودني أحلام التدخل العسكري الفاشل في اليمن وغيره مع احترامي وتقديري لأرواح لشهداء التي زهقت هناك, ولا أحاول أن أستعيد ذاكرة نظام الرئيس الراحل جمال عبدا لناصر في الكونغو وغيرها, لكنى أريد ببساطة أن أقول أنه يحق لليبيين أن يستنجدوا بنا ويحق لنا أن نتمنى أن نستجيب لهم.
تحت أي ضمير انسانى أو معايير إنسانية يمكن أن نبرر للأمهات الثكالى والأرامل والأطفال اليتامى والشيوخ والعجائز في أحياء طرابلس وشوارعها سكوتنا عما يتعرضون له, وتحت أي مبرر يمكن أن نكتفي بمشاهدة مايجرى وكأن ليبيا ليست دولة جوار جغرافي وتاريخي ولدينا معها روابط الدم والمصالح الإستراتيجية.

ستبقى ثورة الشعب المصري ناقصة وغير مكتملة ما لم نتدخل الآن وربما هنا يصح القول أن الآن يعنى الأمس, وعلى الفور لكبح جموح وجنون القذافى ومنعه من مواصلة إبادة أشقائنا في ليبيا.
هل ننتظر تدخلا خارجيا قد لا يأتى أو يكون في صالح القذافى ضد شعبه إن أتى؟أم ننتظر الطير الأبابيل التي تهبط علينا من السماء وهى تحمل حجارة من سجيل لتبيد القذافى ونظامه وبقايا جيشه وفلول المرتزقة الفارقة.
من حقي أن أنتصر للشعب الليبي الآن واليوم وغدا, فهم اخوتى وأشقائي ولا يمكن لأحد أن يتقاعس عن نصرتهم ودعمهم في مواجهة الآلة العسكرية المجنونة التي يمتلكها القذافى.
ليذهب العالم إلى الجحيم إن تخلينا عن رجولتنا وكرامتنا واكتفينا فقط بالفرجة على مايفعله هذا النظام المجنون بشعبه

مع فقدان القذافى لحليفيه السابقين مبارك والتونسي بن على , فانه يتعين أن ترتفع كل الأصوات في تونس ومصر باعتبارهما الدول المتاخمة حدودا لليبيا لمطالبة القيادات الجديدة في البلدين إلى اتخاذ موقف حازم مما يجرى في ليبيا.
لكن محدودية قدرات الجيش التونسي بتعداده الذي لا يزيد على أربعين ألف مقاتل وتسليحه الضعيف, يتبقى الجيش المصري في دائرة الضوء خاصة مع تصاعد حالة السخط الشعبي من مواطنين عاديين آلمهم مشاهدة ارتفاع عدد القتلى والجرحى جراء الاضطرابات التي عمت مختلف المدن الليبية.

لم يظهر المجلس الأعلى للقوات المسلحة أي بادرة بأنه قد يتدخل عسكريا في ليبيا المجاورة لكنه اكتفى بفتح الحدود الليبية المصرية واستقبال العائدين وهم بالأساس من الرعايا المصريين الذين وصل عددهم في ليبيا قبل سنوات إلى نحو مليون مصري, لكن هذا العدد قل بعد إجراءات مشددة اتخذتها السلطات الليبية قبل اندلاع الأحداث الأخيرة.
يتمتع الجيش المصري بقدرات عسكرية وتسليحية تؤهله كما أعتقد للتدخل لنصرة الشعب الليبي , وإذا كان أحدهم يمكن أن يخرج ليقول لنا أنه ليست هناك إمكانية للحديث عن تدخل على الأرض في ليبيا, على اعتبار أن يجرى هناك شأن داخلي, فاننى أقول عن يقين أن هذا لا يعكس موقف غالبية المصريين البسطاء ولا شعبنا العظيم.
وهذه النظرة لا تتواجد لدى سكان الصحراء الغربية وتحديدا لدى قبائل أولاد على التي ينتمي إليها غالبية سكان مناطق مرسى مطروح وسيوة والسلوم على الحدود المباشرة مع ليبيا.
لو أصدرت قيادة الجيش المصري تحذيرا إلى القذافى لاختلف المشهد برمته داخل ليبيا, فلدى مصر سلاح طيران قادر على حسم الأمور لصالح الثورة الشعبية.

ومع تفهمي واحترامي الكامل لانشغال  مجموعة الجنرالات العظام الأعضاء بالمجلس العسكري في محاولة إدارة شئون البلاد في مرحلة ما بعد مبارك , إلا أنى أعتقد أنه يتعين على المجلس أن يتعامل بحزم أكثر مع مايجرى في ليبيا.
دعونا نتذكر أنه في عهد الرئيس الراحل أنور السادات تدخل الجيش المصري للقيام بعملية عسكرية محدودة بسبب الخلافات مع القذافى.
وفيما المصريون يتابعون بألم مايجرى لأشقائهم الليبيين فان أزمة ليبيا تمثل أول اختبار حقيقي لنوعية الرجال الذي باتوا على مقاعد السلطة في مصر, ولو فعلوها وانحازوا للشارع الليبي لاستعادت مصر دورها العربي والاقليمى مجددا من أوسع الأبواب.
أتفهم أن ثمة تعقيدات لوجستية تتعلق بالقتال ضد من ومع من ولصالح من ؟, والتساؤل أيضا حول ما هي مهمة الجيش المصري في ليبيا وهل ستكون الفصل بين نظام القذافى والمتظاهرين؟, أم المساهمة في الإطاحة بنظام القذافى, كيف سنعرف أن من نقاتلهم مع أو ضد القذافى؟

لكن تلك التعقيدات العسكرية لا يجب أن تعيق فكرة التدخل العسكري المصري لاستبعاد فرضية تدخل أوروبا وحلف الأطلسي, ربما فقط حفاظا على مصالح الغرب في نفط ليبيا العالي الجودة ولضمان استقرار أسعار النفط.
بإمكان الغربيون لو أرادوا أن يتدخلوا لكنهم سيتعرضون أيضا لنفس التعقيدات .
ومع التخوف من إطالة أمد الصراع في ليبيا, والتهام القذافى لمعارضيه واكتفاء المجتمع الدولي بالتنديد والشجب وإرسال رسائل لا يعيرها القذافى أي اهتمام تحثه على التنحي لوقف نزيف الدم وتصاعد عدد القتلى والجرحى, فان كل دقيقة تمر ونحن ملتزمين الصمت حيال مايحدث هناك هو إقرار بأن لا شيء قد تغير في مصر ولا حولها.

وأخيرا ليس سرا أن الإدارة الأمريكية تدرس فعليا خيارات التدخل العسكري في ليبيا, بعدما أكد مسئول عسكري أمريكي رفيع لـCNN أن وزارة الدفاع "البنتاجون" تنظر في "جميع الخيارات" المحتملة لدعم الرئيس باراك أوباما، في التعامل مع الوضع الراهن.
وأضاف المسئول الأمريكي إن الخطط الأولية للخيارات العسكرية المحتملة، والمتاحة أمام الرئيس حالياً، تضع ضمن أولوياتها حماية المواطنين الأمريكيين والمصالح الأمريكية، ووقف العنف ضد المدنيين الليبيين.
إلى متى سننتظر ونتردد ؟ والى متى سنترك الليبيين لقمة سائغة للقذافى يتناولهم على مائدة طعامه الهمجي في الصباح والمساء؟
 التاريخ أيها السادة لا يرحم المترددين والضعفاء ونحن أولى بالانتصار لثورة الشعب في ليبيا من أي دول أو جهات أخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق