(الدم كان مغطى السلالم، دم حقيقى، دم انسان، أكيد كان مصاب لأن السلالم فى المسافة اللى بين الكنيسة والمستشفى، أكيد كان فيه ناس شايلين المصاب وبيحاولوا ينقذوه، يمكن وقع منهم على السلالم، وسابوه فترة على ما قدروا يشيلوه تانى، لأن طبقة الدم سميكة، مش ممكن مجرد مرور مصاب يسيب وراه كل الدم ده، سمك الدم ده محتاج وقت، يا ترى المصاب جرى له ايه؟، ياترى لحقوه ولااتصفى دمه كله؟)
جعلتنى هذه الافكار أتوقف تماما أمام مشهد الدماء على السلم، حتى نسيت أننى كنت متجهة إلى الكنيسة التى وقع الانفجار امامها قبل ثمانى ساعات.
فكرت أن امسح الدم بالشال الصوف الذى أضعه على أكتافى وأحتفظ به.
أخرجنى صوت باكِ لسيدة عجوز قالت مشيرة إلى الدم (ده ولا حاجة ادخلى جوه وانت تشوفى لحم ولادنا متقطع).
*****
صف من جنود الأمن المركزى يمنعنى من التقدم ويمنع رجل عجوز يبكى (أنا عايز أكلم الباشا..عايز أعرف ابنى راح فين؟ أنا مش لاقى ابنى لفيت اسكندرية كلها بتاكسى..ابنى فين؟ يا باشا ياباشا )
ابتعد الباشا.
وربت جندى الامن المركزى على كتف الرجل وهمس (ممنوع الدخول.. اللى جوه دول صحافة)
قلت للجندى (أنا صحافة ممكن أدخل؟) فقال (ممنوع يامدام ) التفت الجندى المجاور تجاهى وقال (روحى من الناحية التانية، ارحمينا احنا واقفين طول الليل ما دقناش النوم)رد رجل يقف بعيدا بعصبية (مين اللى نام ، ومين اللى يرحم مين) ارتفع صوته واقترب منا (احنا كفرة.. مش كده؟..احنا كفرة..صح ؟)
عند هذا الحد جاء الباشا وعبر صف الأمن واقترب من الرجل ودخل معه فى حوار.
لم اهتم به لأننى تمكنت بمساعدة زميل من عبور الصف الاول ، ثم تركنى الزميل وعبر وحده الصف الثانى ووقفت وحدى فى المساحة الفاصلة اقرب الى الكنيسة المصابة. وأبعد من التجمع الثائر الراغب فى الاقتراب.
مظاهرة صغيرة أمام باب الكنيسة تهتف بالروح بالدم نفديكى يا كنيسة، اصوات البكاء تختلط بالهتاف.. اتجه كل الباشوات الى المظاهرة مبتعدين عن صف الجنود، همس لى أحدهم (تعالى اتفرجى لو عايزة)، قلت له(انا عايزة ادخل)قال(ممنوع) قلت (وكل دول دخلوا ازاى) قال(راضوا العسكرى ) قلت (انا مستعدة أراضى العسكرى) وأخرجت عشرة جنيهات وقلت له(ادى لزمايلك مش كلهم ليك لوحدك).
****
باب الكنيسة امام باب الجامع، أبعاد الجامع الهندسية طول وعرض وارتفاع نفس ابعاد الكنيسة، ربما لو كنت رأيت هذا المشهد قبل الحادث لأثار فى نفسى مشاعر ايجابية، لكن الدم المتناثر على ارض الممر بين الكنيسة والجامع وبقايا الاجساد الملتصقة على حائط الكنيسة، وبقايا الملابس المغطاة بالدماء المكومة امام باب الكنيسة، والسيارتان المحترقتان - هذا كله كان قادرا على ان يجعلنى ارى المشهد على حقيقته.
كان احد القساوسة يحاول تهدئة شابة تصرخ، كان يلمس شفتيها بالصليب الذى يحمله بيده ويردد هامسا (اسكتى ..اسكتى ) فلا تستجيب له ويزداد صراخها قائلة (سكتنا كتير ياابونا، وانتوا ساكتين ليه ياابونا، وايه اخرة السكات ياابونا) يستمر فى الهمس (كده ما ينفعش خالص)
التفت ابونا حوله وسأل (فين أهلها؟) فصرخت (اهلى راحوا يا ابونا)، (اهلى راحوا).
جعلتنى هذه الافكار أتوقف تماما أمام مشهد الدماء على السلم، حتى نسيت أننى كنت متجهة إلى الكنيسة التى وقع الانفجار امامها قبل ثمانى ساعات.
فكرت أن امسح الدم بالشال الصوف الذى أضعه على أكتافى وأحتفظ به.
أخرجنى صوت باكِ لسيدة عجوز قالت مشيرة إلى الدم (ده ولا حاجة ادخلى جوه وانت تشوفى لحم ولادنا متقطع).
*****
صف من جنود الأمن المركزى يمنعنى من التقدم ويمنع رجل عجوز يبكى (أنا عايز أكلم الباشا..عايز أعرف ابنى راح فين؟ أنا مش لاقى ابنى لفيت اسكندرية كلها بتاكسى..ابنى فين؟ يا باشا ياباشا )
ابتعد الباشا.
وربت جندى الامن المركزى على كتف الرجل وهمس (ممنوع الدخول.. اللى جوه دول صحافة)
قلت للجندى (أنا صحافة ممكن أدخل؟) فقال (ممنوع يامدام ) التفت الجندى المجاور تجاهى وقال (روحى من الناحية التانية، ارحمينا احنا واقفين طول الليل ما دقناش النوم)رد رجل يقف بعيدا بعصبية (مين اللى نام ، ومين اللى يرحم مين) ارتفع صوته واقترب منا (احنا كفرة.. مش كده؟..احنا كفرة..صح ؟)
عند هذا الحد جاء الباشا وعبر صف الأمن واقترب من الرجل ودخل معه فى حوار.
لم اهتم به لأننى تمكنت بمساعدة زميل من عبور الصف الاول ، ثم تركنى الزميل وعبر وحده الصف الثانى ووقفت وحدى فى المساحة الفاصلة اقرب الى الكنيسة المصابة. وأبعد من التجمع الثائر الراغب فى الاقتراب.
مظاهرة صغيرة أمام باب الكنيسة تهتف بالروح بالدم نفديكى يا كنيسة، اصوات البكاء تختلط بالهتاف.. اتجه كل الباشوات الى المظاهرة مبتعدين عن صف الجنود، همس لى أحدهم (تعالى اتفرجى لو عايزة)، قلت له(انا عايزة ادخل)قال(ممنوع) قلت (وكل دول دخلوا ازاى) قال(راضوا العسكرى ) قلت (انا مستعدة أراضى العسكرى) وأخرجت عشرة جنيهات وقلت له(ادى لزمايلك مش كلهم ليك لوحدك).
****
باب الكنيسة امام باب الجامع، أبعاد الجامع الهندسية طول وعرض وارتفاع نفس ابعاد الكنيسة، ربما لو كنت رأيت هذا المشهد قبل الحادث لأثار فى نفسى مشاعر ايجابية، لكن الدم المتناثر على ارض الممر بين الكنيسة والجامع وبقايا الاجساد الملتصقة على حائط الكنيسة، وبقايا الملابس المغطاة بالدماء المكومة امام باب الكنيسة، والسيارتان المحترقتان - هذا كله كان قادرا على ان يجعلنى ارى المشهد على حقيقته.
كان احد القساوسة يحاول تهدئة شابة تصرخ، كان يلمس شفتيها بالصليب الذى يحمله بيده ويردد هامسا (اسكتى ..اسكتى ) فلا تستجيب له ويزداد صراخها قائلة (سكتنا كتير ياابونا، وانتوا ساكتين ليه ياابونا، وايه اخرة السكات ياابونا) يستمر فى الهمس (كده ما ينفعش خالص)
التفت ابونا حوله وسأل (فين أهلها؟) فصرخت (اهلى راحوا يا ابونا)، (اهلى راحوا).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق