الجمعة، يناير 21، 2011

جاكسون دايهل يكتب: أوباما لمبارك: انس تونس


 
يجب أن تكون الثورة الشعبية التونسية جرس إنذار لنظام مبارك السلطوي، ولكل أنصاره ومؤيديه في إدارة الرئيس أوباما، ولكن بدلا من ذلك تسير مصر باتجاه  المجهول بمباركة ضمنية من أوباما.
وفي الوقت الذي وصل فيه الرئيس التونسي المخلوع إلى منفاه في السعودية، كان وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط يصف أي تشبيه بين نظام بن علي ذو الـ23 عاما بنظام مبارك ذو الـ29 عاما بأنه "محض هراء"، مصرا على أن ما يتردد حول أن قمع مبارك للمعارضة العلمانية السلمية من الممكن أن يتسبب في ثورة يقوم بها الشباب المصري العاطل بأنه مجرد "أوهام".
وهذا النوع من المماطلة التي أبداها أبو الغيط البالغ 68 عاما هي أمرا متوقعا من أحد رجال مبارك المخلصين، كما أن تجاهل مبارك ورجال حكمه لكل تلك النذر وإيمانهم بأن مصر خالية من أسباب ثورة تونس هو أيضا أمر غير مفاجئ على الإطلاق.
وفي الوقت الذي يتجاهل فيه مبارك كل شئ، قام تسع محتجين مصريين في خلال العشرة أيام الماضية بالانتحار أو محاولة الانتحار على غرار الشاب التونسي الذي انتحر حرقا فثار التونسيون.
الأكثر دهشة هو دعم إدارة أوباما للجمود الذي يفرضه نظام مبارك. فبحسب البيت الأبيض، قام أوباما باجراء اتصال تليفوني بمبارك تناولا فيه عدد من القضايا من بينها حادث تفجير كنيسة القديسين في الاسكندرية مطلع العام الحالي، وآخر التطورات في تونس ولبنان، وسبل المضي قدما في عملية السلام.
وبحسب ما أُعلن رسميا وما عرفته عن طريق مصادري الخاصة، فالأمر الذي لم يناقشه الرئيسان في مكالمتهما هو ضرورة وجود أي شكل من أشكال التغيير في مصر، وذلك على الرغم من أن مبارك خرج لتوه من انتخابات برلمانية مزورة حيث تم القضاء على وجود معارضة حقيقية في البرلمان المصري، كما انه يستعد لإعادة نفس السيناريو في الانتخابات الرئاسية المرتقبة نهاية العام الحالي، والتي ستمدد بقاءه في الحكم لست سنوات أخرى.
وبناء على فشل أوباما في طرح موضوع الإصلاح مع الرئيس مبارك، فإنه بذلك يراهن على قدرة مبارك على منع ما حدث في تونس من الانتشار على أراضيه. فبحسب ما أعلنه البيت الأبيض فإن أوباما أكد للرئيس مبارك دعوة الولايات المتحدة للتهدئة ووقف العنف ، بينما شدد البيت الأبيض على دعم الولايات المتحدة للديمقراطية في تونس، إلا أن المراقبون في مصر والشرق الأوسط سرعان ما أدركوا معنى الرسالة جيدا، وهي أن دعم أوباما للحرية والعدل لا يمتد إلى مصر.
ما يجعل ذلك غير مفاجئ أيضا هو أن الولايات المتحدة منذ نحو عامين عملت على تخفيف مطالبة الدول السلطوية بالديمقراطية وعلى رأسهم مصر، ويمكن إرجاع ذلك التراجع الأمريكي تجاه مبارك إلى إيمان الادارة الأمريكية باهمية الرئيس المصري في عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين، التي ركز عليها أوباما عبثا على حساب قضايا أخرى أهم، ليصبح مبارك بلا بديل على الرغم من ظهور حركة الإصلاح والتغيير التي يدعمها كثيرون خلف الدكتور محمد البرادعي الحاصل على جائزة نوبل، واعتمادا على أنه لن يكون هناك ثورة شعبية في مصر.
ويمكن أن يكون هذا التحليل صحيحا، ولكنه يتجاهل الدروس التي خرج بها الخبراء من أحداث تونس. فقالت ميشيل دن مديرة مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي إن الثورة التونسية أثبتت أن البطالة التي يعاني منها الشباب العربي من السهل أن تتحول إلى مطالب بالتغيير السياسي، وأن ذلك التغيير ممكن الحدوث حتى مع غياب تام لمعارضة قوية.
تلك الدروس يمكن تطبيقها على عدة دول عربية سلطوية مثل الجزائر والأردن ووسوريا. ولكن بالنسبة للولايات المتحدة، فإن الرهان كله على مصر، وبناء على ذلك فان صمت أوباما تجاه الحاجة الملحة للتغير في مصر هو أمر غاية في الخطورة.
 جاكسون دايهل هو كاتب بصحيفة واشنطن بوست الأمريكية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق