الأربعاء، ديسمبر 01، 2010

محمد علي خير يكتب: ضابط إسرائيلي في مطار القاهرة!

المفارقة كانت فجة تلك التي جرت في الأيام الماضية.. ففي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة المصرية رفضها الإشراف الدولي علي انتخابات مجلس الشعب بحجة انتقاص السيادة المصرية.. فإن تلك الحكومة وفي نفس الأسبوع سمحت لضباط الموساد الإسرائيلي بتدنيس مطار القاهرة الدولي بأقدامهم وتفتيش مسافرين عرب الي فلسطين المحتلة.. ولم تقدم حكومتنا للآن تفسيرا لما جري أو حتي تعريفا لمفهوم السيادة الوطنية من وجهة نظرها علي الأقل.

الإشراف الدولي علي الانتخابات هو نظام معمول به في أعرق الدول ديمقراطية، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية.. بل إن عددا من الشخصيات المصرية السياسية البارزة.يسافرون الي واشنطن للإشراف علي الانتخابات التشريعية هناك دون أن تشتد عروق الإدارة الأمريكية تحت زعم أن الإشراف الدولي ماس بالسيادة الأمريكية.. وعندما رفضت قيادات الحزب الوطني وحكومته دعوة الإدارة الأمريكية للإشراف الدولي علي انتخابات مجلس الشعب.. فإن حجة الرفض التي ساقوها تمثلت في أن الموافقة علي الإشراف الدولي يمثل طعنًا في السيادة المصرية.. ورآها أحدهم بأنها خصمًا من كرامتنا الوطنية ثم بدأت تتوالي معزوفة الأغاني الوطنية علي لسان المسئولين وداخل منصات الإعلام الحكومي.

المفارقة هنا أن هذا الرفض جاء علي لسان عدد كبير من مسئولين بارزين بالحكم وأساتذة في العلوم السياسية والقانون الدولي مثل الدكاترة سرور وشهاب وعلي الدين هلال، ومن ثم فإنهم لا يقولون الحقيقة عندما يرددون أن الإشراف الدولي ينتقص من السيادة.. لأن الذي ينتقص من تلك السيادة فعلا.. والكرامة الوطنية حقا..هو ما جري داخل مطار القاهرة منذ أسبوعين مع صحفية فلسطينية اسمها صابرين دياب من عرب 48 تلك الفلسطينية الشابة التي جاءت في زيارة للقاهرة لكنها فاجأتنا بقصتها التي تضرب أم سيادتنا الوطنية في مقتل وتنتهك عرض كرامتنا الوطنية في وضح النهار.

ورغم أن قصة صابرين نشرتها صحف مصرية وأصبحت متداولة علي الانترنت.. والتي تحكي باختصار أن الفلسطينية صابرين عندما دخلت مطار القاهرة في طريق عودتها الي فلسطين لتستقل طائرة العال الإسرائيلية..وبعد أن رأي الضابط المصري جواز سفرها..فإنها فوجئت وبعد عدة خطوات (داخل مطار القاهرة) بضابط أمن اسرائيلي يستوقفها ويحقق معها..ثم يسلمها الي زميلة اسرائيلية أخري ربما ـ بل المؤكد- كانت من الموساد ثم دخلوا بها الي غرفة صغيرة بمطار القاهرة وفتشوها ذاتيا الي أن خرجت من تلك الغرفة غير مصدقة أن ما يجري لها يقع علي أرض أكبر دولة عربية..بل داخل مطار القاهرة، رمز السيادة المصرية. (وليس مطار بن جوريون باسرائيل)..ثم سلموها الي ضابطة مصرية لتفتيشها ذاتيا لكن ضابطة اسرائيلية أبلغت نظيرتها المصرية بقيامها بالواجب..دخلت صابرين الطائرة الاسرائيلية وهي غير مصدقة كل ماجري.

عندما تنتهي من قراءة رواية صابرين دياب فإن الدم الذي سيغلي في نافوخك نرجوه أن يتوقف عن الغليان قليلا حتي نسأل السادة الذين صدعونا بالحديث عن السيادة المصرية والكرامة الوطنية والتي من أجلها رفضوا الاشراف الدولي علي الانتخابات وننتظر اجاباتهم عن الأسئلة التالية:

هل صابرين دياب كانت في مطار القاهرة أم في مطار تل ابيب؟.. وكيف سمحت السلطات المصرية لضباط الموساد بانتهاك سيادتنا الوطنية؟.. ولأن ضباط الموساد لم ينزلوا ببراشوت داخل مطار القاهرة بل بموافقة مصرية.. فعلي أي أساس منحتهم الحكومة المصرية هذا الحق في تفتيش الركاب المغادرين؟.. وهل تسمح السلطات الإسرائيلية لضباط مصريين بنفس الإجراء داخل المطار الإسرائيلي؟.. وهل معاهدة كامب ديفيد تنص علي منح موافقات استثنائية لاسرائيل لا تقدمها مصر لدول أخري؟.. وهل في القانون الدولي ما يعطي الحق لمثل هذا الإجراء الذي يضرب الكرامة الوطنية في مقتل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق