الجمعة، أكتوبر 08، 2010

نوارة نجم تكتب: ومازلت، برغم كل شيء، أضحك مع الشعب

اليوم، أكتب لموقع الدستور، المملوك للأستاذ إبراهيم عيسى قانونا، وكريدت كاردا. اليوم، لا أكتب لصحيفة الدستور، لأنه لم يعد هناك صحيفة الدستور. واغرورقت عيناي بالدموع. لكن اغروراق عيناي، يختلف تماما عن اغروراق عيني الدكتور سيد البدوي حين أخبرنا أنه لم يطلع إبراهيم عيسى على نبأ إقالته، لأنه لم يستطع إخباره بنفسه، واغرورقت عيناه بالدموع، وسافر إلى الإسكندرية، وكان قد اتصل به قبل ذلك يخبره بأنه يمكن أن يحل ضيفا على الدستور – التي أسسها إبراهيم عيسى – وأنه أقاله، لكن لم يكتب قرار إقالته، وأنه لم يعد رئيسا للدستور، لكن يمكن أن يرسل له سيد البدوي سيارة بسائق – ومكيفة – وسيدفع له نفقة شهرية، ومصاريف مدرسة الأولاد.... واغرورقت عيناه بالدموع. العشرة ما تهونش على ولاد الحرام.

ماذا يقول المثل المصري؟ طنطا بلد الأوانطا؟ باين. بعد هذا العرض السخي، الذي يمكن أن نلخصه في رائعة ليلى مراد: أطلب عينيا، قلبي وعينيا فدااااك، غاليين عليا، وأغلى منهم أن إبراهيم عيسى لا يكون رئيس تحرير الدستور. بقي البحث عن إجابة لسؤال رجل مسن، كان يجلس بجوار الصحفي وليد إسماعيل في المترو، ويقلب في صفحات الدستور الجديد وهو يقول: مال الجرنال؟ كان فيه راجل بشنب بيكتب هنا.. راح فين؟

فتدخل وليد وسأله: إنت تعرف اسمه إيه يا حاج؟

فأجاب الرجل: لا.. بس بيكتب حلو.. هو راح فين؟

أييييوةةة، راح فين الرجل أبو شنب يا د. سيد البدوي؟

قال إن محرري الدستور قد هددوا بالاعتصام بعدما زادت أجورهم، "بدل ما يشكرونا"! وقال إن الصحيفة غير مربحة، وأن إبراهيم عيسى غضب لأنهم خصموا من أجره – الذي كان رفعه السيد البدوي رفعة تفوق رفع أسعار اللحم – ثلاثة آلاف جنيه ونصف، ولذلك، فإن المحررين قد اعتصموا لأنه تم خصم الضرائب منهم، كما أن الصحيفة لا تجذب السادة المعلنين عن منتجاتهم التي لا يشتريها أحد لارتفاع أسعارها، إلا أن د. السيد البدوي شحاتة قد استقال من مجلس إدارة تحرير الدستور، لكنه اجتمع بصحفيي الدستور وأبلغهم: أطلب عينيا، قلبي وعينيا فداك، غاليين عليا، وأغلى منهم ألا تطالبوا بإبراهيم عيسى رئيسا لتحرير الدستور. هذا وقد أكد رضا إدوارد أن السادة الملاك لن يستطيعوا تحمل تبعات رئاسة تحرير إبراهيم عيسى للدستور، وقال إنه لو اجتمع كل رؤساء العالم، ولو جمعوا الشمس في يمينه، والقمر في يساره، ولو قلعو له عين، ولسيد البدوي عين وعاشوا عور هم الاتنين، فإن إبراهيم عيسى لن يعود لرئاسة تحرير الدستور.

نعم؟ يعني ما هي الدروس المستفادة من قصة عاطف السكري في العيال كبرت: شفت الست.. شفت الست.. الصبح بالليل، ساعة ما الشروق بيخش في الغروب؟

أريد جملة مفيدة نحملها للمسن في المترو الذي يتساءل عن الراجل أبو شنب الذي كان يكتب هنا.

الجميع يتحدث عن نية مبيتة لعزل إبراهيم عيسى منذ أن اشترى السيد البدوي صحيفة الدستور، الجميع يتكلم عن صفقة بين حزب الوفد وبين النظام الحاكم تتلخص في: عزل إبراهيم عيسى مقابل مقاعد في مجلس الشعب. الجميع متأكد أن المقصود هو إبراهيم عيسى فقط، فقد قدم السيد البدوي للمحررين عرضا سخيا، ثريا، غنيا، ليتنازلوا عن مطلبهم بإعادة إبراهيم عيسى رئيسا لتحريرهم.

ما لا يعرفه الدكتور السيد البدوي، والدكتور رضا إدوارد، والدكتور أحمد عز، والدكتور نجيب ساويرس، والدكاترة الذين يبسوهم علينا، أن شهوة الصحفي والكاتب لحرية التعبير، والمهنية، والعمل في جو يسمح له باستغلال كل مواهبه، تفوق كل الشهوات حتى شهوة الطعام، وربما الشهوة الجنسية التي تحدث عنها عدد الدستور الصادر بقيادة رضا إدوارد يوم الخميس 7 أكتوبر 2010. أعلم أنها خصلة صحفية بحتة، لا يستوعبها رجال الأعمال وأذنابهم الذين بذلوا كل الجهد لاستقطاب العاملين بالدستور: احنا عارفين إن إبراهيم كان حولك للتحقيق ومش مثبتك.. تعالى اشتغل معانا واحنا نثبتك ونزودك تلات أضعاف.. على فكرة إبراهيم بيقول عليك تافه.. على فكرة احنا ممكن نحطك في رئاسة التحرير مكانه.. إلى آخر هذه الأساليب الوضيعة الطفولية. لم ولن يفهم المتحدثون عن "الخلافات المادية"، حقيقة أن جميعنا، بداية من إبراهيم عيسى، وحتى أصغر محرر في الدستور، لا يجد في السيارة والسائق المتعة التي يجدها وهو يتحدث، ويكتب، ويغطي الأحداث، دون أن يفكر في ممنوع أو محظور أو محرم. إننا نجد في مزاولة المهنة بحرية حلاوة، لو علمها الملوك ورجال الأعمال لقاتلونا عليها. كما إننا نجد في ركاكة التعبير، وسفاهة الحجج، وبلاهة الكذب، تقززا وغثيانا، لو علمها مرضى الملاريا والتيفود، لهربوا منا خوفا من العدوى.

كم هو مقيت وجارح، أن يتم التشهير بمحرري الدستور الذين كانوا يتقاضون أجورا زهيدة، وعروضا سخية من صحف أخرى، ويتمسكون، مع ذلك، بعملهم في صحيفة الدستور، استلذاذا للحرية، وعلى آخر الزمن، يأتي أحد رجال الأعمال ليتهمهم بأنهم يثورون من أجل خصم الضرائب من رواتبهم. كم هو مقرف ومثير للغثيان، أن يفصل رئيس تحرير من جريدته التي أسسها على يديه، واختار على عينه كل قلم فيها، فصلا تعسفيا، ثم يوصم بأنه ترك جريدته من أجل ثلاثة آلاف جنيه. طب كنتم اتهموه في مبلغ أكبر، إيه الجربعة دي؟

لكن السيد البدوي قال إن الصحيفة لا تجتذب المعلنين، لأنها فاشلة. لذا، فقد حرصت على قراءة العدد الصادر من مقر الدستور الجديد، ألا وهو شركة سيجما للأدوية، تحت إشراف رئيس مجلس الإدارة الجديد، ألا وهو رضا إدوارد، صاحب سلسلة المدارس الشهيرة، بقلم المحرر الجديد، سليم عزوز، ووجدت إعلانا جديدا: قناة الحياة – المملوكة للسيد البدوي – نشرت إعلانها في الصفحتين الأولى والأخيرة، الأمر الذي يؤكد نجاح الدستور، بمجرد غروب محرريها ورئيس تحريرها وكتابها عنها، فقد اجتذب الدستور الجديد، إعلانات جديدة من شركات الملاك الجدد للدستور الجديد.

وقد أذهلتني الخبطة الصحفية المبهرة الكائنة في الصفحة الثانية تحت عنوان: اللون الأحمر لعلاج الشلل والضعف الجنسي.

هنا، أود أن أوبخ إبراهيم عيسى، وطاقمه، توبيخا شديد اللهجة، وأقرعهم تقريعا مبرنشق الانبعاج، وأصرخ في وجوههم: ما جيبتيهالوش حمرا ليه يا زينب؟ ما جيبتيهالوش حمرا ليه يا زوزو؟ افرضي إنه بتاع مسخرة.

وبروح رياضية، أحيي القائمين على عدد الدستور – اللي مش دستور – الصادر في 7 أكتوبر 2010، وأمنح هذا العدد، عن جدارة وبدون منازع، لقب: يا مدندش يا قميص النوم، يا مقور يا كومبيليزون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق