السبت، ديسمبر 10، 2011

الذى يعرفه البرادعى عن الإسلام




أيمن الجندي

سامح الله مجدى الجلاد! أعادنى من (هموم الحب) إلى (غمّ السياسة)، أنا الذى صرت أحرص على عدم الانفعال حتى أجرى «قسطرة القلب» أو يقضى الله أمراً كان مفعولاً!

تابعت الحوار، وكان شعورى هذه المرة، يشبه كل مرة، التأثر العميق بصدق هذا الرجل وإنسانيته، ولطفه ووداعته، وصفاء عقله ورجاحة تفكيره.

لكن كل هذا كوم، وهذا السؤال الفظّ «تعرف إيه عن الإسلام يا برادعى؟» كوم آخر، هذا السؤال الذى أثار غضبى.

البرادعى كسياسى يمكننا أن نتفق أو نختلف عليه! مشكلة مصر أن بها شبكة عنكبوتية هائلة من الفساد تتخطى حدودها المحلية إلى الدولية! هؤلاء الفاسدون المفسدون، حطب جهنم القادم إن شاء الله، يعلمون جيداً أن هذا الرجل يهدد مصالحهم. لذلك لن يسمحوا باختياره.

أقول بصدق إن «البرادعى السياسى» لا يهمنى بقدر ما كشفه السؤال الصادم «تعرف إيه عن الإسلام يا برادعى؟» عن مفهومنا للتدين.

أحزننى هذا السؤال حقاً. لم أهتم مثلاً بالتهكم على نظارته، لأن صاحبه يريد الاستظراف، لكن سؤالاً يحمل الطعن فى دينه، فهذا الذى صدمنى حقاً! بأى حق يفعل هذا؟ من أعطاه التوكيل الحصرى! لحظتها، بدا وجه البرادعى كأنه لوحة تشكيلية يتجسد فيها القهر والقرف والحزن والصدمة والمظلومية.

«ماذا يعرف البرادعى عن الإسلام؟» يعرف كل شىء تقريباً، يعرف العدالة والحرية والكرامة الإنسانية، إنسان وقف فى وجه النظام، وكان أسهل شىء - ولايزال - اغتياله، إنسان حقّق مقاصد الشريعة من علم وعدل وسعى تجاه الأفضل، تبرّع بقيمة جائزة نوبل لسكان العشوائيات دون منّ ولا إعلان! افتخر بجنسيته المصرية ورفض الحصول على جنسية أجنبية فى وقت يُتهم فيه بالانبطاح للغرب! افتخر بهويته الإسلامية وجنسيته المصرية فى حفل نوبل! حجّ بيت الله الحرام دون إعلان أو ضوضاء! لأنه يؤمن بأن علاقته بالله سر لا يُذاع ومن الوضاعة أن يشترى به متاع الدنيا.

إنسان ابن ناس، رباه والداه جيداً، يحمل قيم المجتمع المصرى، إنسان يُصلّى، أنا واثق من أنه يصلى، لا أخطئ أبداً وجوه المتوضئين المصلين! إنسان هو واجهة مشرفة لمصر وللمسلمين فى عالم نحن بالكامل عالة عليه، مثل هذا الإنسان المُشرّف أصبح يُسأل عما يعرفه عن الإسلام!! فتأمل.

أكاد أتخيل الملامح النفسية لمن ألقى السؤال! فخور بنفسه، رغم أنه لم يفعل أى شىء حقيقى باستثناء الكراهية! لم يقدم أى صنيع للإسلام. فقط يشوّه وجهه الحضارى. أستطيع أن أفهم أن السياسيين يحاربون الإنسان الشريف، لكننى لن أستطيع أن أفهم أبداً لماذا يحارب المتدينون، أو من يزعمون أنهم متدينون، الإنسان النظيف؟ حقيقى لا أفهم.

نحن بحاجة ماسة إلى تحديد معنى التدين؟ تعالوا نتفق أولاً حول معنى التدين، بعدها يكون كل شىء سهلاً. أليس الإسلام هو التوحيد ومكارم الأخلاق! المسلم الموحد لربه، المؤمن برسوله، الذى ينفق عمره فى العلم والعمل، ويحاول قدر استطاعته أن يجعل الأرض أفضل، أليس هذا هو التدين؟.

الذى يتبرع بجائزة نوبل للفقر والفقراء، أليس هذا هو التدين!؟. الذى يؤمن بقيم العدل والمساواة ويحترم حق الإنسان فى الاختيار، ويكل الحساب إلى الله، أليس هذا هو التدين؟

هب أن البرادعى يرتكب سيئات، وهو بالقطع يرتكب سيئات، ألم يخبرنا ربنا عز وجل بأن «الحسنات يذهبن السيئات»؟.

البرادعى ليس الحل. والتاريخ الإنسانى لا يتوقف أبداً على إنسان. الحل أن نغير نظرتنا لمعنى التدين قبل أن نخسر الدنيا والدين معاً. اللهم اجعل ما يلقاه عبدك البرادعى من أذى فى الدنيا سروراً له فى الآخرة، واجزه عن الإسلام والمسلمين خيراً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق