26/01/2011
شاهد العيان / عبد الرحمن سعد *
كانت البداية قرابة الثانية ظهرا عندما تجمع نحو مائة ناشط من الشباب من الجنسين على ناصية شارع طلعت حرب وسط العاصمة المصرية القاهرة، وبعد قرابة ساعة تمكنوا من كسر الطوق الأمني، ليصيحوا فرحين في الشارع، وهناك وجدوا شارعا فرعيا عاد بهم إلى ميدان التحرير، لما وجدوه خاليا من الوجود الأمني.
بدأ المتظاهرون في التكاثر. وقرابة الخامسة مساء لم يصدقوا أنفسهم إذ كانوا قد سيطروا على الميدان تماما، بعد وصول ما اعتبروه مددا لمظاهرتهم من المسيرات الفرعية.
كان غالبية المتظاهرين من الشباب (فئة 18 إلى 38 سنة).. وإن كان بينهم بنات ونساء، ومسنون ومقعدون.
مواجهة نهاريةحاولت قوات الأمن إعادة سيطرتها على الميدان، فأطلقت مدافع المياه على المتظاهرين، لكن أحد الشباب قفز إلى ظهر السيارة، ونجح في غلق صنبور المياه، ليفاجأ بضابط في لباس مدني يكيل له اللكمات، لكن الشاب تمكن من إسقاطه والسقوط معه على جموع المتظاهرين، الذين أوسعوا الضابط ضربا، وكادوا يقتلونه، لولا الدعوات التي انطلقت من وسطهم "سلمية.. سلمية"، ومن ثم سلموه لزملائه.
وعلى العكس من هذا الضابط، وجد عدد من الضباط وسط المتظاهرين, وأداروا أحاديث ودية مع بعضهم، بينما لجأ متظاهرون إلى قراءة القرآن، والدعاء الجماعي بعد صلاة العشاء، ووجه بعضهم النصح للضباط، بأنهم إخوانهم وأهلوهم، وما خرجوا إلا للمطالبة بحقوقهم وحقوق الشعب.
تكونت خلال المظاهرة لجنة للإعاشة قامت بتوزيع الأطعمة والعصائر ومياه الشرب على المتظاهرين، لكنهم عانوا الأمرين من قطع اتصالهم بالعالم الخارجي، نتيجة التشويش على شبكات المحمول، وشبكات الإنترنت.
واستمر المتظاهرون يهتفون "حسني.. كفاية" و"يا مبارك يا مبارك.. السعودية في انتظارك". وظهر بينهم كل من الفنان عمرو واكد، والمخرج عمرو سلامة، والكاتب إبراهيم عيسى، وعدد من قيادات حركة كفاية.
صمود لم يستمرحافظ المتظاهرون على صمودهم عشر ساعات، وقرابة الثانية عشرة والنصف مساء انقلب التعامل الأمني من نمط التعامل الناعم في بداية اليوم إلى الخشن في نهايته، وكانت أكثر المنطق سخونة بداية شارع قصر العيني، أمام الجامعة الأميركية، إذ حاول المتظاهرون كسر الطوق الأمني، والتوجه إلى مجلس الشعب القريب، لكن الدائرة سرعان ما كانت تدور عليهم.
ثم بدأت شرارة فض الاعتصام بتغلب قوات الأمن على المتظاهرين في هذا المكان، باستخدام أكبر قدر من القنابل المسيلة للدموع، وعربات مدافع المياه، وحشود جنود الأمن المركزي.
وفي البداية حاول المتظاهرون صد الهجوم، لكنهم اضطروا إلى الفرار، من جراء القنابل المسيلة للدموع، والهجوم العاتي الذي جاءهم من كل اتجاه.
وبينما كنت أقوم بتصوير المشهد بشارع رمسيس، كانت عمليات الاعتقال تتوالى, وفجأة صاح ضابط ذو رتبة كبيرة في وجهي لقيامي بالتصوير وبعدها فوجئت بضربة غادرة على رأسي من الخلف، ونقلت إلى مستشفى الهلال القريب حيث وجدته غاصا بمصابي المظاهرات وكانوا كلهم من ذوي الإصابات الجسيمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق