الاثنين، سبتمبر 12، 2011

محمد هشام عبيه يكتب: من الفضائية التي ستلحق بالجزيرة مباشر مصر؟

محمد هشام عبيه

رأي ورؤى

محمد هشام عبيه


وكأننا نعيش أجواء ما قبل ثورة 25 يناير، عادت قوات أمن الدولة في ملابس الأمن الوطني لتقتحم مقر الفضائيات وتصادر أوراق ومستندات وأجهزة بث وتعتقل موظفين أيضا، والبداية بالأمس كانت في مكتب قناة الجزيرة مباشر مصر التي بدأت البث من القاهرة منذ شهر مارس الماضي، وصنعت لنفسها تواجدا مهما في زمن قصير وكانت أقرب كثيرا إلى الحدث من فضائيات مصرية قديمة مترهلة.

الضربة التي وجهتها الأجهزة الأمنية للجزيرة مباشر مصر جاءت بعد ثلاثة أيام فقط من خروج من يسمي بوزير الإعلام أسامة هيكل، ليعلن وقف منح تراخيص للفضائيات الجديدة، مع التلويح باتخاذ إجراءات وصفها بالقانونية تجاه بعض الفضائيات التي قال أنها تثير الفتنة، وتأتي هذه الضربة أيضا بعد يومين من الأحداث الدامية التي شهدتها السفارة الإسرائيلية بالقاهرة وكانت الجزيرة مباشر مصر الفضائية الوحيدة تقريبا التي نقلت على الهواء وقائع المصادمات الليلية بين المتظاهرين والأمن وهي التي كانت حصيلتها ثلاثة قتلى وأكثر من ألف مصاب، اللافت أن هيكل نفسه كان المسئول المصري الوحيد الذي أشاد به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنتياهو حينما علق على أحداث السفارة الأخيرة، وبدت مفارقة لافتة بالفعل أن ينال وزير الإعلام المصري الإشادة من رئيس وزراء إسرائيلي في الوقت الذي ينتقد فيه قطاع كبير من العاملين في الحقل الإعلامي نفس الوزير المصري بسبب تحمسه الشديد للتضييق على الإعلام ما بعد الثورة.

الهجمة على وسائل الإعلام التي بدأت بالجزيرة مباشر مصر ويبدو أنها لن تتوقف عندها فقط وقد تلحق بها صحف وفضائيات أخرى خاصة ، تبدو مستقة مع المنهج الذي اتبعه هيكل منذ أن وصل إلى منصبه الوزاري، فالرجل- القادم من حزب يفترض أنه معارض لكن قياداته كان متفرغه قبل الثورة لعقد صفقات مع نظام مبارك ومتفرغة بعد الثورة لمحاباة المجلس العسكري- يبدو مخاصما تماما لحرية الإعلام، وكل تصريحاته على الجانب البعيد عن الحريات، ويبدو أن اختياره لهذا المنصب في هذا الوقت تحديدا لم يكن عشوائيا، وإنما بترتيب دقيق، حتى يتم استخدامه - وهو الصحفي والإعلامي-من قبل المجلس العسكري لتضييق الخناق على وسائل الإعلام، بينما يمكن للمجلس التنصل من مسئوليته عن غلق فضائيات صحف لأسباب هلامية كبث الفتنة أو وقف عجلة الإنتاج، على اعتبار أن هذه مسئولية الوزير، وهو أمر غير منطقي قطعا خاصة وأن الحكومة كلها وليس وزير الإعلام وحده بدون صلاحيات، لكن اللافت أيضا أن هذه الضربة جاءت قبيل انتخابات متوقعة لمجلسي الشعب والشورى وهو ذات الأمر الذي حدث العام الماضي قبل الانتخابات الماضية، عندما خرج الوزير السابق –المحبوس حاليا- أنس الفقي ليرطن عن قانون للبث الفضائي يضع الكثير من الحواجز ويكبل الحريات، ليبدو الأمر وكأن مصر لم تتحرك من مكانها منذاك، وليلحق البؤس والعار-وربما المصير ذاته- بكل من يرضى أن يلعب دورا ضد حرية الإعلام وحرية الوطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق