السبت، سبتمبر 17، 2011

مخاوف من استهداف المدونين فى تطبيق قانون الطوارئ

كتب محمد سالم-



الشروق

«لا للطوارئ» شعار اتخذه أمس العديد من القوى السياسية والحقوقية لما فيه من تطاول على الحريات العامة وخاصة المدونين الذين عانوا ملاحقة امن الدولة لهم أيام العهد البائد.

استطلعت «الشروق» آراء عدد من القانونيين، الذين أبرزوا خطورة إضافة النص الخاص بـ«بث أخبار أو بيانات أو شائعات كاذبة» إلى قانون الطوارئ سيئ السمعة، ووصفوها بعودة لتقييد الحريات، وعهد ما قبل الثورة، وأنها فى الأغلب تستهدف مدونى ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعى على الإنترنت، إضافة للتشكيك والاستغراب من بيان مجلس الوزراء، بشأن أنها لن تطبق على المعارضين أو أصحاب الرأى..!



بداية أشار عصام سلطان، المحامى ونائب رئيس حزب الوسط، إلى أن هذه المادة تعد من مخلفات الاستعمار البريطانى للبلاد، حين أراد المحتل أن يكمم أفواه المصريين، إبان الحرب العالمية الأولى، ممن كانوا يمارسون العمل العام من أصحاب الفكر والرأى، ولهذا سن قانونية فى عام 1914 يعاقب على ما يسمى بـ«بث إشاعات مغرضة من شأنها تكدير السلم العام»، ثم ضمنت هذه المادة فى قانون العقوبات عام 1937، ومازالت مفعلة إلى وقتنا الحالى، بنفس الشكل والأسلوب والسياق.



وأكد «سلطان» أن الصياغة الفضفاضة للمادة، وضع عمدًا وعن قصد، فالتعميم يضع الجميع تحت طائلة قانون العقوبات، لذا ظلت المادة بنفس الصياغة حتى تحجم أكبر قدر ممكن من أصحاب الأنشطة السياسية، ورأى رؤساء مصر المتعاقبين فى هذه المادة، خدمة جليلة لقمع المعارضين، واستخدموها مرارًا، ولعل أشهرها واقعة الحكم بحبس الصحفى إبراهيم عيسى، حين تكلم عن صحة «مبارك»، وقت أن كان يعالج بالخارج، محذرًا من إحالة المدونين والنشطاء بواسطة هذه المادة إلى محكمة أمن الدولة طوارئ، لكونها صورة أخرى من المحاكمات العسكرية للمدنيين بل هى أسوأ، لأنها محكمة استثنائية، وحكمها نهائى، ولا يجوز استئناف أو نقض الحكم، الذى يصدق عليه من قبل الحاكم العسكرى فى حين أنه يمكن حاليا الطعن على أحكام المحاكم العسكرية.



فيما يرى بهاء الدين أبوشقة، المحامى والسياسى، أن نص المادة تنطبق عليه الأركان القانونية، للمساءلة فى جريمة البلاغ الكاذب، وعلى سلطة الاتهام مسئولية إثبات أن المتهم كان على علم، بأن هناك أخبارا أو أنباء أو بيانات صحيحة، وروج أو أذاع عكسها بسوء قصد، وأنه كان يرمى وراء ذلك تحقيق هدف معين، من نشر هذه الأخبار المغلوطة، مضيفًا أن الإشكالية تكمن فى أن نص المادة مطاطى، ويمكن من خلاله وضع قيود على حرية الأشخاص، والقبض على أى شخص يشتبه به واعتقاله، دون التقيد بقانون الإجراءات الجنائية.



وأوضح «أبو شقة» أن المدونين ليسوا وحدهم هم المستهدفون من هذه المادة، لأن الهدف من إضافتها فى الأساس، إلزام الجميع بتحرى الدقة، خاصة مع انتشار التقنيات الحديثة والفضائيات، مع الوضع فى الاعتبار أن البلاد تمر بمرحلة بالغة الحرج، وانتشار أى خبر مهما كان صغيرا، قد يؤدى إلى نتائج بالغة الخطورة، ويهدد كيان وأمن الدولة، أو إحداث شكل من الفوضى أو الانفلات الأمنى، وإذا كان هناك ضرورة ملحة من إعادة تفعيل بعض مواد قانون الطوارئ، كان لابد أن تكون لمدة قصيرة، وفى أضيق الحدود، وإيضاح وقائع بعينها، مع وضع ضمانات للمتهم سواء خلال إجراءات التحقيق أو المحاكمة.



فى حين انتقد حسام عيسى، أستاذ القانون الدولى بجامعة عين شمس، صياغة المادة ووصفها بـ«الزئبقية»، ولا يمكن الإمساك بها، وهناك خطورة لما يترتب عليها من عقوبات مقيدة للحريات، وتساءل: «ما معنى خبر كاذب؟»، مضيفًا أنه من غير المعقول أن يتداول الناس أخباراً، بعدما أن يتأكدوا يقينًا من صدقيتها، خاصة أن أغلبية مستخدمى ومدونى «فيس بوك» و«تويتر»، يتبادلون المشاركات والاتصالات، المتعلقة بالأخبار دون التحرى بدقة عن مصادرها، وهذا أمر غير متعمد، ويصعب على قاضى التحقيق إثباته.



وأشار «عيسى» إلى أن مثل هذه النصوص المعيبة، لا يجب أن تدرج من الأصل فى قانون العقوبات، ولا يصح فى مصر ما بعد الثورة، أن تفعل مثل هذه المواد التى تصادر على الحريات، واصفًا الكلام عن عدم تطبيق هذه المادة على أصحاب الرأى، بأنه فارغ من مضمونه، لأنها لن تطبق إلا على أصحاب الرأى، قائلاً: «هل مطلوب من الشخص العادى مستخدم الانترنت، أن يتحرى عن أية معلومة قبل أن يعيد نشرها أو أن يدخل السجن؟!».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق